علي حسين
كل يوم تؤكد لنا الحكومة أنها حكومة سريعة جداً في قراراتها الخاطئة وبطيئة جداً، جداً وجداً، في اتخاذ قرارات صحيحة، ما يدل على أن هناك مسافة شاسعة بين تفكير الحكومة ومعاناة قطاعات واسعة من الناس،
وحين يخرج الناس للمطالبة بحقوقهم يطل علينا مسؤولون بابتساماتهم الصفراء يصفون المتظاهرين بأنهم أصحاب أجندات خاصة يسعون لتخريب البلد. عشنا خلال الستة عشر سنة الماضية مع حكومات ظلت تصر على أنها منتخبة من الشعب، فيما الشعب المسكين لا يعرف حتى أسماء وزرائها ولم يتسنَ له التعرف على الانجازات العظيمة لأعضائها في مجال السياسة والعلوم والاقتصاد. حكومات أغمضت أعينها ولا تريد أن تعرف أن العديد من حكومات العالم المنتخبة تسقط حين تفشل في الإيفاء بوعودها للناس، فكيف بحكومة ضربت الرقم القياسي بعدد الذين قتلتهم في ساحات الاحتجاجات ؟
ما يحدث كل يوم يدل على تخبط الحكومة وتصميمها على الضحك على الناس بشعارات جوفاء، حكومة أوجعت رؤوسنا بكلمة الشعب للكذب على الناس دون أن تكون عندها أية قيمة لهذا الشعب، حكومة دفعت الناس إلى حالة من الاحتقان الدائم، ومن الكراهية للعملية السياسية، ومن الإحساس بالظلم.. فقراء بلادي مظلومون، الشباب يضيعون في بحور البطالة، والنصابون يزدادون ويتاجرون بأحلام وأموال الناس، والخصومة تزداد بين رجال السياسة وبين عامة الشعب، حكومة تصدّر للناس تصريحات فاسدة فقدت صلاحيتها وتعجز عن توفير أبسط الخدمات التي تقدمها دول وحكومات لا تملك عشرةً بالمئة من ميزانية العراق. الدول تحمي مواطنيها بالشفافية والنزاهة والعمل المخلص، فيما تحولت حكومتنا إلى جهنم تكوي الناس بلهيبها، حكومة لا تقيم وزنا لهموم الناس ولا تبالي لسرقة المال العام الذي لو جمعه السراق يمكن له أن يغطي ميزانيات دول الجوار. في دول تحترم مواطنيها نجد قوانين حازمة وصارمة تصل إلى حد الإعدام للذين يسرقون المال العام، وعندنا لا جريمة ولا عقاب.. والأكثر خطورة أن الذين يدافعون عن الفساد أكبر بكثير ممن يهاجمونه.
لاتريد الحكومة ومعها مجلس النواب أن يدركوا جيدا أن ما حدث خلال الأيام الماضية هو باختصار شديد أن مدن العراق استيقظت وقررت الخلاص من كل من تسبب فى تقزيمها وتراجعها وخرابها.. ومن ثم فهي ليست تظاهرات ضد الفساد والخراب فقط، كما أنها ليست تظاهرات من أجل التغيير والإصلاح فحسب، بل هى تظاهرات لها هدف واحد هو استعادة العراق من خاطفيه.
و أظن أنه بعد الذي جرى خلال الأيام الماضية فإن الجميع فى انتظار أن يخرج رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ومعهما رئيس الوزراء ليقولوا لشباب التظاهرات: لقد أخطأنا بحقكم.
فهل هم فاعلون؟