علي حسين
يُفاجأ العراقيون يوميا بأن الفيلم الذي تعرضه الحكومة عليهم سبق لهم وأن شاهدوه عشرات المرات، وسواء تغير الديكور أو الأشخاص فإن الجميع يعرف البداية والنهاية ويحفظ فقرات الفيلم عن ظهر قلب.
ويحسب مَن يعيدون عرض هذه الأفلام القديمة أنهم يخدعون الجمهور حين يقولون لهم إن ما سيشاهدونه في الإعادة إنتاج جديد، فلا تغيير في السيناريو ولا الحوار، كما أن أماكن التصوير هي ذاتها في كل العروض السابقة، فضلا عن أن جهة الإنتاج واحدة، والمخرج نفسه، إذن ما الجديد حين يخرج علينا الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة عبد الكريم خلف ليقول إن "المعتصمين في المطعم التركي قاموا بإلقاء 1000 قذيفة مولوتوف ضد القوات الأمنية على جسر الجمهورية"، الجديد فقط هو التوقيت الذي قرر فيه عبد الكريم خلف عرض فيلمه إلى الجمهور، فقبل عام من هذا التاريخ كان عبد الكريم خلف يطالب المتظاهرين بانتفاضة كبرى داخل المنطقة الخضراء، وحذر في 14 تموز عام 2018 من أن التظاهرات " لن تنتهي حتى يتم طرد جميع الفاسدين"، ولأن نص الفيلم الذي تعرضه علينا الحكومة كل يوم لم يتغير، فإن ما سيخرج من تصريحات لن يؤدي إلا إلى مزيد من الاكاذيب، وهكذا، دوائر وحلقات لا تنتهي من الخطب والبيانات واللقطات، الكاذب منها والمزيف. وطالما تعتقد الحكومة أن العراقيين أسرى لديها ومن حقها في أي لحظة أن تصول عليهم صولة رجل واحد مثلما حدث في كربلاء، وبدلا من أن يستنكر الناطق هجوم قوات سوات على المعتصمين، أخبرنا وهو يبتسم : اطمئنوا لا شيء حدث ، فقط الجرحى 143 جريحا، أما القتلى فهم واحد فقط.. فلماذا تشغلون أنفسكم.. إنه قتيل واحد ، ياجماعة!!.
هكذا تحول موضوع خطير ومصيري في حياة العراقيين، وأعني به قتل المعتصمين إلى مجرد مهرجان غير منظم لتصريحات تفتقر إلى العقلانية والموضوعية. لا أتصور أن أي عاقل يمكن أن يقرأ تصريحات عبد الكريم خلف التي أطلقها أمس دون أن يضرب كفا بكف على هذه القدرة العجيبة على خداع الذات قبل الآخرين، ولو قررنا إلغاء العقل والمنطق وصدقنا بيانات عبد الكريم خلف التي ظل يلقيها علينا خلال الأيام الماضية، وهي أيام السعد بالنسبة إليه بعد أن تم تعيينه ناطقا للقائد العام للقوات المسلحة، وراجعنا حساب البيانات المتناقضة والمضحكة، فسنكتشف حتما أن العراقيين لديهم قدرة عجيبة على تحمل مثل هذه الكائنات.
أحاديث الناطق بعضها مضحك ومعظمها يدعو إلى الرثاء، فالرجل اليوم غارق في حب حكومة منتهية الصلاحية، فيما غالبية الناس لا تزال تضرب أخماسا في أسداس ولم تعد تعرف من أين حصل المتظاهرون على 1000 قذيفة موتولوف؟.