علي حسين
يقولون لك إنّ على المتظاهرين أن لا يفكروا بتغيير الحكومة والنظام السياسي الخرب في العراق، ويقولون لك إن المشكلة ليست مع نهب أكثر من تريليون دولار وقتل الآلاف وتشريد الملايين،
ولا مع الأحزاب التي تحولت إلى حيتان تبتلع كل ثروات البلاد، لكنها، أي المشكلة، مع شباب ونسوة ورجال يريدون "تقويض الحكومة القائمة" والغرض" الامبريالي " الآخر هو إظهار أن السلطة " اللطيفة " والأحزاب القانونية فاسدون.. ياسلام ياعزيزي " محمود واعظي " مدير مكتب الرئيس الإيراني، الذي يبدو أنه يعتقد أن الشعب هو الفاسد وهو الذي قنص أكثر من 250 شابا وجرح أكثر من عشرة آلاف واعتقل المئات.. السيد واعظي الذي اعتقد أنه يستطيع ان يقدم موعظة لبلاده وينصحها بعدم التدخل في شؤون العراقيين، يريد أن يتحول إلى واعظ في بلاد الرافدين، يهدي أصحاب "التك تك" إلى الطريق المستقيم .
والآن إسمح لي ياسيد واعظي أن أقول لك إنني مثل ملايين العراقيين نخاف ونخشى الاعتراض على كلامك، لأن وكلاءك في العراق يمكن أن يغيبوننا بلمحة بصر، ولا نستطيع أن نعترض حتى على إشاراتك، أحياناً نكتب في الفيسبوك وأحياناً أخرى نحتجّ في ما بيننا، لكن هل نستطيع أن نصدر بياناً نقول لك فيه ياعزيزي أنت تغرّد خارج السرب؟ خليك مع مشاكل بلادك الاقتصادية والاجتماعية، واتركنا مع صحوة الشباب الذين يحلمون بوطن بحجم أمنياتهم، وليس بحجم مواعظك.
لا أتذكّر منذ ستة عاماً أنّ مسؤولاً عراقيّاً اعترض على ما يقوله ساسة إيران عن العراق، وتتذكرون معي كيف أن ساسة العراق ومعهم الشعب العراقي لم يتدخلوا عندما حدثت احتجاجات 2009، واعتقال الزعيمين الإصلاحيين حسين موسوي ومهدي كروبي، وبعدها ما حصل عام 2018 من تظاهرات تندد بالفساد المالي والإداري.
لن تصدِّق ياعزيزي السيد واعظي عندما أقول إنني معجب بك. فلا أتذكّر أنّ بلاداً تعثرت كما نتعثر. لماذا؟ لأنه لا يوجد مسؤول أو سياسي يستطيع أن يقول لك، لماذا تتدخل في شؤون العراق؟ ولكن ياسيدي مثلما يحرص "جنابك" على راحة واستجمام المسؤولين والأحزاب، ألا يستحقّ العراقيون منك أن تحرص على أن تنصح السياسيين بأن يوفروا لهم الاستقرار والرفاهية والعدالة الاجتماعية من دون أن يصفقوا لـ أحزاب الجهل والانتهازية؟! لماذا ياعزيزي تتبارى الدول من أجل البناء والعلم، بينما أحزابنا تشيع الجهل والخراب؟
ياعزيزي واعظي، وأنت تنتمي لدولة دينية ترفع شعار"مخافة الله"، ألم تشاهد وترى كيف يزداد رفاقك "في الإيمان" غنىً وقسوة وطائفية، فيما يزداد العراقيون خوفاً وفقراً؟ ألم تر كيف يقتل شباب التظاهرات، ويغيبون لأنهم قالوا طز للخراب ولعملية سياسية منتهية الصلاحية .