من أجل أن يبقى قلم الكاتب الراحل عدنان حسين حاضراً في المشهد العراقي، تعيد المدى نشر بعض "شناشيله" التي سلط من خلالها الضوء على الفساد الإداري والمالي ودافع عن قيم الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية.
عدنان حسين
من دون سائر جيران العراق، يتفرّد بعض المسؤولين الإيرانيين بالسعي لإعطاء الانطباع كما لو أنّ العراق ضيعة إيرانية، فيتسبّبون بإلحاق الضرر ببلادهم وبأصدقاء أو حلفاء أو أتباع بلادهم من العراقيين.
الانتخابات الأخيرة مثالٌ ساطع.
قبلها، في شباط الماضي، كان وزير الخارجية الإيراني الأسبق والمستشار الحالي للمرشد الأعلى علي خامنئي قد صرّح، بينما هو يحلّ ضيفاً على العراق، بأنّ"الصحوة الإسلامية لن تسمح للشيوعيين والليبراليين بالعودة إلى الحكم"، ما أثار سورة غضب عارم في العراق بين أوساط سياسية واجتماعية وثقافية متنوعة وواسعة، وقد أسفرت الانتخابات عن وصول عدد من الشيوعيين والليبراليين الى البرلمان الجديد بخلاف ما رغب فيه ولايتي.
بعد الانتخابات، وقبل الإعلان عن النتائج النهائية لها، عمد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني للحضور الى بغداد ولقاء قيادات سياسية، لأحزاب سياسية شيعية بالأخص، باحثاً موضوع الحكومة المقبلة، وهو أيضاً ما أثار موجة سخط اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، فمهمة الجنرال الإيراني مثّلت للكثيرين تدخلاً في الشأن العراقي الداخلي.
بعد إعلان نتائج الانتخابات وبدء التحركات بين الكتل التي حازت أكبر نصيب من المقاعد في مجلس النواب الجديد للتفاهم على تشكيل الحكومة الجديدة، يختار المساعد الخاص للشؤون الدولية لرئيس مجلس الشورى الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أن يتدخل هو الآخر عبر تغريده في موقع"تويتر"يقول فيها إن من نتائج الانتخابات الأخيرة القول "كلا" للاحتلال، ويضيف أن العراق ليس معقلاً "للولايات المتحدة وداعمي الإرهاب، وسيبقى القادة والشعب الإيراني الداعم والسند القوي للعراق العامر والحرّ والمتّحد الستراتيجي لطهران"..!.
هذه التغريدة فيها تجاوز على كرامة الشعب العراقي واستهانة بوعيه ووطنيته، فالمسؤول الإيراني يقدّم نفسه هنا كما لو كان معلّماً للعراقيين!
بالتأكيد، إيران لا تحتاج الى مثل هذه التدخلات في شؤون العراق الداخلية لأنها لا تخدم مصالحها.
وبالتأكيد ليس العراق والعراقيون في حاجة إلى مثل هذه التدخّلات التي تزيد من مشاعر الكراهية، أو أقلّه عدم الرضا، تجاه الدولة الإيرانيّة ومسؤوليها.
على المسؤولين الإيرانيين أن يتأمّلوا نتائج الانتخابات جيداً.. ففي هذه الانتخابات سقط البعض من أبرز "أساطين" الطائفية السياسية من الشيعة والسنة، ومن أبرز "أساطين" الفساد، ومن أبرز "أساطين" التبعية للقوى الخارجية.. العراقيون الذين شاركوا في الاقتراع قدّموا ولاءهم الوطني على سائر الولاءات وتمسّكوا بهويتهم الوطنية متخلّين عن الهويات الأخرى المتعارضة مع الوطنية.
للعراق مصلحة كبيرة في جيرة طيبة مع إيران وسائر جيرانه، ومن المفترض أنّ لإيران في المقابل مصلحة كبيرة في جيرة طيبة مع العراق.. التدخلات الإيرانية المتكرّرة ليست في مصلحة العراق، ولا في مصلحة إيران حتى.
فمَنْ مُبلّغ المسؤولين الإيرانيين بأنّ العراق دولة مستقلة عريقة، وهي ليست، ولن تكون، آراك (عراق)، المدينة والمحافظة الإيرانيتين الواقعتين إلى الجنوب الغربي من طهران..؟!