محمد حمدي
تحفل بطولة كأس الخليج الكروية بأجواء نجاح وخصوصية اكتسبتها منذ الانطلاق عام 1970 ولا توازيها في ذلك أية بطولة أخرى في الجماهيرية والمتابعة وعمق العلاقات الأخوية
وترابطها بجذور تاريخية متشعبة لا يمكن إغفالها أبداً حتى وإن تلبّدَتْ بها بعض الغيوم التي لم تتمكن مطلقاً النيل من هذه التسمية وصدق ارتباطها بالروحية الشعبية الخليجية التي تجذّرت معها وعايشت أحداثها لحظة بلحظة.
ولمن يريد الاستدلال على ذلك ليسأل الجماهير الرياضية بمختلف بلداننا في الخليج وليشهد أن الجمهور حفظ عن ظهر قلب اسماء اللاعبين والمدربين والملاعب منذ عهد بعيد بما لا يشبه أية بطولة أخرى وما أن تفتتح بوادر الحديث هنا وهناك حتى تحفل بعدد هائل من القصص والحكايات التي تدور أحداثها حول التنافس والمفارقات التي شهدتها البطولات السابقة ، وللشقيقة قطر تحديداً بصمة في النجاح والتأثير ربما تكون هي الأكبر والاكثر تأثيراً في نفوس الجماهير ربما لجودة الأجواء الرياضية فيها عموما أو لسيل النجاح العارم الذي امتاز به الاشقاء هناك في مختلف البطولات حتى غدت الدوحة أيقونة لهذا النجاح والتألق المنشود منذ بطولات خليجي 4 و11 و17 ومن ثم 24 المرتقبة بنكهة بطولة المونديال أكبر بطولة عالمية ستوثق للعرب نجاحهم المقبل وتكتب التاريخ الرياضي ليس للشقيقة قطر فقط ، بل للعرب وآسيا أيضاً على أن مونديال 2022 نقطة فارقة وإن الكرة وعالمها المبدع في المنطقة سيدخل مرحلة اخرى لا تشبه المرحلة السابقة قبل هذا التاريخ ، بل إن الخطوة الثانية لبطولة مماثلة يجب أن يحسب لها ألف حساب ليتبناها بلد عربي آخر يكمل المشوار ويدخل تاريخ التنظيم الكبير من أوسع وأهم أبوابه ، لذلك كله فإن المشاركة في أية بطولة تسبق المونديال ومساندة هذا التوجه العظيم لدى الاشقاء في قطر هو خط شروع وتقدم لنجاح آخر ربما كان لأية دولة أخرى من دولنا.
وما أن تختتم خليجي 24 رسمياً بأيام قلائل حتى تكون الدوحة على موعد مع بطولة كبيرة جداً بعنوان كأس العالم للأندية ، التي تنطلق في الـ11 من الشهر المقبل، على أن تُختتم في الـ22 من الشهر ذاته، بالمباراة النهائية، التي تجمع عادة بين بطلَي أوروبا وأمريكا الجنوبية وهي من البطولات المنتظرة بتواجد خيرة الأندية العالمية الأبطال واللاعبين ايضاً.
لا أريد المزايدة ولا كيل المديح ولكن أريد فقط أن أذكّر بأن نجاح أي بطولة تسبق المونديال هنا في الدوحة هو نجاح للمنطقة عموماً وتسليط للضوء المركز على بطولات مقبلة سيكون من الممكن إجراءها في أي بلد خليجي بعد التوثق تماماً من نجاح البطولات وآخرها المونديال بعون الله لذلك فإن العمل باسناد الاشقاء في قطر هو واجب يعود بالنفع على جميع البلدان كخطوة أخرى مرتقبة نحو الاستضافات الكبيرة ، وهنا اريد أن أعرّج أيضاً على أن الخبرة الهائلة وكثرة تنظيم البطولات على اكمل وجه وازدهار البنى التحتية الرياضية كانت عنواناً للنجاح بمختلف الالعاب وقد شهدت شخصياً أربع بطولات عالمية كان آخرها بطولة العالم بالملاكمة 2016 في الدوحة وأفخر شخصياً إنها الأهم والأكثر نجاحاً من جميع البطولات الأخرى بذات اللعبة التي اقيمت في بلدان أوروبية وشهدتها أيضاً وسجلت فيها اعترافات أهل الشان بأن ما أنجز في الدوحة يفوق التصور.
الحقيقة إن ما أريد الإشارة اليه هو أن البطولات مهما كان شكلها يقترن نجاحها بالتنظيم والإدارة أولاً ومنها بطولة الخليج المنتظرة مهما كان عدد الدول المشاركة بها وإن كنا نتمنى أن تنحية الخلافات جانباً في ميدان الرياضة وتكون النجوم الثمانية متألقة في سماء الدوحة ومع ذلك فإن التاريخ سيسجّل لهذه الجولة اكتمالها وتكون رقماً صعباً لبطولة لها مكانتها ، فقد سبق وأن شهدت البطولات السابقة انسحابات بهدف أو بتخبط ، ولكن النتيجة هي أن بطولة خليجي الكروية استمرت بجماهيريتها ورونقها الناصع وبالتأكيد فإن البطولة المقبلة ستكون كذلك.