رعد العراقي
مرة أخرى يَخذلُ فيفا الجماهير العراقية ويصدر قراراً بنقل مباراتي منتخبنا الوطني مع نظيريه الإيراني والبحريني ضمن تصفيات كأس العالم 2022 من أرض البصرة الى ملعب محايد ،
متذرّعاً كعادته بوجود تهديد أمني ، وهذه المرّة كانت الاحتجاجات الشعبية هي ورقة التوت التي يحاول فيها ستر دوافعه الحقيقية وإهتزاز ميزان عدالته الذي أصبح يتمايل نحو مكامن العلاقات الشخصية وتأثير مراكز القوى التي تتحكّم بكل قراراته.
تصوّروا أن الاتحاد الدولي يذرفُ الدموع على سلامة المنتخبات إذا ما تواجدتْ في مدينة البصرة في وقت يعي جيداً أن اللقاءين القادمين يحملان من الأهمية الكثير ،خاصة أسود الرافدين الباحثين عن حقّهم الذي اغتصب لسنوات طويلة ظلماً في أن تستثمر الأرض والجمهور لحسم تأهلهم وأمام أقوى المنافسين له على صدارة المجموعة ، بينما تجاهل حقائق وضمانات حكومية تؤكد على تأمين سلامة تلك المنتخبات وإن الاحتجاجات لا تمثلُ تهديداً لأماكن إقامة الوفود أو عند ملعب المباراة في وقت أن الجماهير العراقية بأصالتها تمثّل حِصناً منيعاً لكل الضيوف ، بل هي الضمانة الحقيقية للاحتفاء بهم وحمايتهم قبل الجهات الرسمية.
كل تلك الاعتبارات وما سيلحق بالمنتخب العراقي من ظلمٍ بائِن سقطت من عيون الفيفا الوقحة التي فضحه قرارها المتسرّع والمبيّت عندما أدارَ وجهه عن خيار نقل المباراة داخلياً الى أربيل الخالية من أي مظاهرات ، وتتمتّع بأجواء أمنية أكثر استقراراً من بلدان كثيرة تشهد هي الأخرى احتجاجات وصدامات ، لكنها لم تسارع الى فرض حظر على ملاعبها أو تنقل مبارياتها الى خارج البلاد ، وهو دليل لا يقبل الشك بأن هناك أيادٍ خفيّة هي من تحرّك وتتلاعب بتلك المنظمة غير المنصفة.
الحديث عن موقف اتحاد كرة القدم وطبيعة ردّة فعله وخيارات تحرّكاته يبدو غير مجدٍ ، خاصة أننا نُدركْ ضُعف تأثيره ، وغياب أي حضور لهُ على مستوى التمثيل في لجان الاتحاد الدولي ، فضلاً على سقطات سابقة خطّها بيديه عندما أعتذر عن تضييف مباراة النصر السعودي وذوب آهن الإيراني مَثّلتْ ذريعة وتشكيكاً بقوة الموقف الأمني وقدرتنا على تأمين المباريات ، وهو ما جعل قرار نقل المباراتين لا يمثل صدمة أو مفاجِئة سواء لاتحاد الكرة أو حتى للجماهير ، وخاصة أن منافسينا يملكون أدوات ووسائل للضغط واستغلال الفرصة للهروب من جحيم اللعب على ملعب البصرة ، وبالتالي زيادة احتمال إسقاط الأسود من طريق تأهلهم.
ردّة الفعل الحقيقية لا بدَّ أن تكون بين أقدام لاعبينا ، وهي وحدها القادرة على أن تقلب السحر على الساحر ، وتُربِك كل الحسابات الخفية ، وتقتنِصْ من أرض عمّان العزيزة انتصاراً يُحبط طموحات المراهنين على ضعف العزيمة والإصرار لأسود الرافدين خارج أسوار الوطن ، في حين غابَ عن أذهانهم أن الكرة العراقية وبرغم سنوات فرض القيود عليها سجّلت للتاريخ واقعة يصعب تكرارها تمثلت بصعودها الى كأس العالم 1986 برغم عدم خوضها أي مباراة على أرضها وبين جمهورها ، وواصلت تألقها في تحقيق البطولات ، في وقت عجزت الكثير من الدول في الوصول لإنجازاتها.
لاشك أن تاريخ 14 تشرين الثاني موعد مبارتنا أمام المنتخب الإيراني سيكون صفحة أخرى من المجد الكروي الذي ينتصر للجماهير ويتحدّى الظلم وسيردّد كل لاعب غيور (نازل للملعب آخذ حقي).