علي حسين
هناك قاعدة تقول حين تذهب إلى السيرك، فمن العبث أن تستدعي المنطق لتقييم حركات الراقصين البهلوانية ، ولهذا سأظلّ أقول وبلا تردُّد،
ليس هنالك ما هو أكثر بؤساً من برلمان يجعل قضية كبرى مثل احتجاجات تشرين، أشبه بلعبة سيرك على الحبال، هرباً من التصدّي الجاد للمشكلة، ليجد المواطن نفسه بمواجهة قوى سياسية فاسدة من جذورها، لا تزال تواصل الرقص على دماء العراقيين .
عندما نشاهد الفضائيات نكتشف أنّ زمن الكومبارس والقرقوزات انقرض في العالم، لكنه لايزال يواصل عروضه بنجاح في العراق، بالتأكيد نحن لا نحلم بدولة مثل فرنسا، قام فيها محتجو السترات الصفراء ببناء السواتر في شوارع باريس وحرق الاطارات وتعطيل الحياة، دون ان تجرؤ اجهزة عبد الكريم خلف على اطلاق رصاصة واحدة، ولا نسعى لبلدان مثل بريطانيا أسقطت في عامين اثنين من اقوى رؤساء الوزراء .
منذ انطلاق احتجاجات تشرين تمارس طنيناً مضحكاً، وكأنّ رئيس الوزراء جادّ في معالجة أزمة الاحتجاجات الشعبية، حيث اصر ساستنا ومعهم القادة الامنيين على تحويل الازمة إلى عروض خطابية ، وتمّ رسم خريطة هزلية لعمليّة الإنقاذ، ونسي الجميع أنّ ألعاب السيرك لا تصنع سوى الخراب. التنمية والعدالة الاجتماعية يصنعها الوطنيون وذوو النيات الخيرة وأهل العمل البنّاء. راقصو السيرك لاهمّ لهم سوى الضحك على الجمهور والسعي الى إشغاله بألعاب مثيرة، مثل لعبة رشيد فليح مع "مصائد الدعبل" التي تسببت في خراب البصرة، وكانت وراء غياب المشاريع والتنمية ونهب ثروات واحدة من اغنى مدن العالم . مضحكات اعتبرها البعض كشفا خطيرا من عينة التصريح الذي اطلقه امس عبد الكريم خلف عندما اعلن امس ان القوات الامنية تواجه المحتجين وهي بلا سلاح.
وإذا كان هؤلاء مصنفين أساسا في قائمة محترفي الدجل فإن الأمر يدعو للرثاء حين تجري هذه الخزعبلات على ألسنة مسؤولين أمنيين رسميين وجدوها أيضا فرصة لاطلاق القفشات، قرأت تصريح الدعبل ، وتذكرت صورة الفريق فليح نفسه حين ظهر علينا في الانبار ذات يوم وهو يفرد عضلاته أمام شاشات الفضائيات متحديا القوات الأمريكية الغازية، بعد ذلك بمدة قصيرة سيطرت عصابات داعش على الانبار، تذكرت كل هذا وغيره الكثير من التصريحات التي قال أصحابها اننا نعيش زمن الازدهار والاستقرار وان العراق اليوم أكثر تطورا من كل دول المنطقة ، واكتشفت ان مأساتنا الحقيقية هي أننا نتعامل مع كل شيء بعشوائية، نتحرك بلا أي استراتيجية أو منطق، وبلغت بنا قلة الحيلة أننا صرنا نخترع كل يوم عدوا جديدا كي نلهي الناس عن العدو الحقيقي، وصارت معظم تصريحات قادتنا الأمنيين"الدعبلية" تثير المشاكل والأخطر غضب الناس.