إياد الصالحي
أزعم وفقاً لمتابعة وتوثيق منذ نهايات العقد السبعيني للقرن الماضي حتى الآن ، أن أي دولة في العالم لم تعانِ من وباء "إنفلونزا" حظر اللعب الدولي مثلما تعانيه ملاعب العراق لسنين طويلة ،
إذ تتم معالجته وقتياً ، ثم يعاود تدمير البُنى النفسية للاعبين والجماهير وسط ردود أفعال اتحاد اللعبة الوطني التي لا ترتقي الى خطورة الوباء!
مع كل مواجهة محتدمة للكرة العراقية في بطولات الاتحاد الدولي لكرة القدم وخاصة تصفيات كأس العالم تتحرّك الأيدي الشريرة خلف كواليس القرار الجاهز لتكتب بنيّة ليست بريئة ، مُحرّضة الفيفا على اسقاط رفع الحظر الجزئي من معادلة تقييم وضع الملاعب العراقية بذريعة سلامة بعثات المنتخبات الزائرة ، والغريب أن الفيفا يناقض مواقفه بالسماح للعراقيين أن يضيّفوا الأصدقاء من هونغ كونغ قبل شهر تقريباً في مدينة البصرة ثم يتراجع ويحرمهم من الاستحقاق ذاته أمام إيران والبحرين ، كأنه يرى من نافذة ضيّقة صخباً مروّعاً لتظاهرات الاحتجاج البصرية ، فيما لا يرى في بعض شوارع العواصم العربية والعالمية قلقاً من أعمال الشغب والحرق برغم أن لبنان وهونغ كونغ وفرنسا وتشيلي وبوليفيا وغيرها تنام وتصحو على صرخات الشعب المستهجنة لأداء حكوماتها ، ومع ذلك لن يجرؤ جياني إنفانتينو ورجال منظمته (الفيفا) على إزعاج الاتحادات المعنية بكلمتي (وضعكم يُقلقنا)!
للأسف ، لم يكن الفيفا منصفاً وعادلاً بقرار حرمان العراق من تنظيم مباراتي إيران والبحرين ضمن التصفيات المزدوجة لمونديال قطر 2022 وكاس آسيا الصين 2023 ، برغم تسلّمه خطاب التعهّد من أسعد العيداني محافظ البصرة مُرفقاً بخطة أمنية مُحكَمَة لحماية وفدي المنتخبين الضيفين داخل وخارج ملعب جذع النخلة حسب شروط السلامة السارية في جميع الملاعب ، وهو التعهّد نفسه الذي طلبه الفيفا من الحكومة اللبنانية لضمان أمن مباراة كوريا الجنوبية على ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية في بيروت غداً الخميس بحسب تصريح رئيس اتحاد الكرة اللبناني هاشم حيدر أمس الثلاثاء الذي أكد أن "القوى الأمنية تتعاون معنا .. والفيفا كان سينقل المباراة إلى خارج لبنان لو قرّر اتحادنا إقامتها من دون جمهور"!
قرار الفيفا تجاه العراق مردود عليه أساساً لأنه ينبغي تعزيز ثقته بالاتحادات الوطنية ، وبيان مدى قدرتها على تحقيق النجاح في تحدّيات من هذا النوع طالما أن إجراءاتها التنظيمية مستوفية لشروط حفظ الأمن ، أما أن يواصل الفيفا قتل أمل العراقيين بوباء الحظر والهروب للأمام دون تحمّله المسؤولية كل مرّة فهذا غير مقبول ولا بدّ من اتخاذ إجراءات حكومية سريعة بُعيد إنتهاء مباراة البحرين الثلاثاء المقبل ، فقد سئِم العراقيون عجرفة الفيفا وانتقائية لعبه في مصير كرتهم وسلب حقوقهم والعبث بمشاعرهم بأعذار سمجة لا يمرّرها على غيرنا حتى بات ظلمه متخصّصاً في ملف كرتنا دون سواها.
لن تغمض عيون الأسود حتى يحلّ مساء الخميس لمواجهة منتخب إيران باستعداد معنوي لا يُضاهى ، يثأروا لحق البصرة في تنظيم لقاء الذهاب ، ويضاعفوا نقاط صدارتهم المجموعة الثالثة ، ولن يستسلموا لنداءات الجبناء ممن اعتادوا على تأليف قصصٍ من خيالاتهم المريضة ، فجَنبات ملعب عمّان الدولي ستتفجّر كالبركان مع حرارة دُعاء أبناء الرافدين المقيمين على أرض الأردن " نريد النصر لوطن يريده الشباب فخراً لمستقبلهم" وسنترقب هدفاً لميمي الغيور ترفع له أم الشهيد (الشيلة) بدبكة فرح غامر برغم مضي أسبوع مأتم وليدها المتظاهر في سلمية تشرين ، ولن يُبالي الشيخ لغدر قلبه الوهن بانتظار دقائق حسم الموقعة الأصعب في التصفيات ، وهكذا يتصبّر جميع العراقيين ليسجّل التاريخ مأثرة تحرّرهم دفاعاً عن الحقوق في معارك الحياة على أرضهم وخارجها ببطولات قلّ نظيرها.