TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: سقط الرئيس وفاز الفريق

قناطر: سقط الرئيس وفاز الفريق

نشر في: 30 نوفمبر, 2019: 07:12 م

طالب عبد العزيز

الشعب العراقي شعب يستحق حياة أجمل من هذه بكثير، هو بحق من أعظم وأنبل شعوب المنطقة، بعيداً عن الندب واللطم والمسكنة والمظالم التي تعرض لها، هو واحد من أعرق وأصلب وأقوى شعوب الشرق.

نقول هذه ونحن نعاين حجم المحن التي تعرض لها طوال تاريخه. من يقترب أكثر من روحه، ويلتصق أكثر به يستشعر العظمة هذه، ويتحسس عن قرب ما يستحقه من حكام، ولا أقصد السفلة والأنذال، الذين تعاقبوا على إمرته، إنما اقصد ما يتوجب أن يكون عليه زعماؤه وروساؤه.

ربما تمنحنا صورة جانبية ما، كأن تكون صورة المجموعة، التي جلست في كازينو على كورنيش شط العرب وهي تتابع لعبة الفريق العراقي، مع فريق دولة الامارات بكرة القدم، بعد ساعات من الانكسارات التي خيّمت على الجميع، إثر المجزرة التي اركتبتها القوات الأمنية في مدينة الناصرية، والتي ذهبت ضحيتها العشرات من الشهداء الشبان، بين التعبير عن فرحة فوز الفريق العراقي وبين الانكسار الذي خلفته جثامين الشهداء لحظات قليلة جداً، لكنْ فعل الفوز كان أوقع، خاصة وأنه تزامن مع هزيمة الحكومة، واضطرار رئيس الوزراء الى تقديم استقالته، وسط سخرية وتشفي جمهور المتابعين الشباب.

كنتُ صحبة صديقين، ولأننا، فضلنا تناول كؤوس خمرتنا بالسيارة، بعد أن عزّ علينا إيجاد المكان الآمن، فقد وجدنا ضالتنا بين حشد المتجمهرين، الذين تابعوا المباراة بشغف قل نظيره، وسط تطلعهم لفوز فريقهم، وعلى الضفة التي تهادت الأضواء، وقريباً من الموج الخفيف الذي داعبته الريح الشرقية الرطبة، ومع أصوات المشجعين، وبين الحشد الشبابي المتفاعل مع فريقه وجدنا أنفسنا خارج كياسة الستين، وخارج الختيرة والاتزان الذي يفرضه العمر، وتقتضيه الشعرات البيض في رؤوسنا، فقد ضمنا هؤلاء بحميمية لا تصدق. هناك روح عراقية سرعان ما انبعثت وهي تردد النصر، وتسحق الخونة، وتهمش الاقدار، إنها الروح العظيمة التي استشعرت الحياة والتي تلمست انهيار الحكومة.

بصراحة، وعلى صعيد شخصي، هناك شعور ضامن وأكيد ببلاد قادمة، بلاد تختفي فيها شيئاً فشيئاً كراهية الاخر، وتندثر فيها أيضاً أوجه الطائفية البغضية، وتتراجع فيها الهويات الفرعية. ما يحدث في البصرة والنجف والعمارة والديوانية والناصرية والحلة اليوم عناوين واضحة لما سيأتي من الايام. تستخدم الشارع أو تجلس في مكان عام فلا تبحث في هوية الجالس معك، إنما تقرأ في عينه بشائر الفوز، وتجده متحمساً مثلك للنتيجة، ولا تفكر باسم الذي سيسجل الهدف، بل تشعر بعراقية علاء عبد الزهرة وبقية اللاعبين، هؤلاء، تنتمي إليهم بكل جوارحك، لأنهم عراقيون، وعراقيون فحسب، غير منقوصي الهوية والانتماء.

انتهت اللعبة واتجه الشباب الى ضاحية الجزائر . كان البيرق العراقي وحده يرفرف في نوافذ السيارات، لقد ذهبت الى غير رجعة بيارق الطوائف. ووسط الناس الفرحين، لاتشعر بمضايقة منبهات سيارات الشبان، الذين خرجوا مبتهجين بزوال حكم الإسلاميين، وبفوز الفريق العراقي، هنا تشعر بعراقيتك كاملة. وهنا تقول في نفسك: أيعقل، بان يحكم هؤلاءُ السفلةُ شعباً عظيماً كهذا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram