إياد الصالحي
لم تعد بطولة كأس العالم بكرة القدم المدلّلة الوحيدة في أجندة الاتحاد الدولي ، الأب الشرعي لها منذ انطلاق نسختها أول مرّة عام 1930 في الأوروغواي ووصلوها إلى محطة قطر عام2022 ،
فقد نالت بطولة كأس العالم للأندية التي اختتمت في العاصمة الدوحة أمس السبت اهتماماً عالمياً غير مسبوق لما حققته من نجاح باهر على المستويين الفني والاستثماري شكّلا تحدّياً صعباً أمام منظمي النسخ المقبلة.
وبالرغم من الانتقادات التي وجّهتْ الى الاتحاد الدولي بشأن تقاطع بطولة الأندية مع روزنامة العديد من الاتحادات الوطنية ، إلا أن الرجل الأول في الفيفا جياني إنفانتينو المعروف عن حواره الهادئ لإرضاء جميع الشركاء في مؤسّسته ، خرجَ أمس بتصريح دعا فيه لحوار يحافظ على مصالح الجميع ووحدتهم للانسجام مع الأجندة الدولية كي يتمكّن 50 نادياً من التمركز بمستوى ثابت في التقييم الكلي ، في إشارة منه الى ضرورة تحقيق الأندية قفزات مهمّة في المرحلة المقبلة للتوافق بين نفقاتها الباهظة واستثمار مشاركاتها في البطولات الكبرى سعياً للربح المشروع من عوائد المسابقات الخارجية.
إن تهافت أربع عشرة شركة استثمارية لرعاية حقوق بطولة كأس العالم للأندية كان محطّ فخر وانبهار لدى مؤسسة الفيفا التي زادت حماسة رئيسها لتبنّي فكرة بطولة كأس العالم للأندية الموسّعة بمشاركة 24 فريقاً تنظّمها الصين اعتباراً من عام 2021 ، مُراهناً على العامل التجاري في تسويق البطولة كالرعاية والنقل التلفازي والإعلانات كبداية لثورة تسويقية هائلة تحوّل كرة القدم إلى إمبراطورية مالية تتآلف عندها مصالح الاتحادات القارية الست وتنعكس فوائدها على مستفيدين كُثر من لاعبين ومدربين ومنشآت أكاديمية وموهوبين صغار تنقصهم دعائم لوجستية باتت اللعبة بأمس الحاجة لها في الدول ذات القدرة الاقتصادية الهزيلة.
بتوسيع رقعة التنافس بين 24 نادياً للظفر بلقب 2021 ، تلك الفكرة التي انطلقت من منصّة الدوحة العالمية ، يكون الفيفا قد مسكَ كنزاً ثميناً يدرّ عليه ملايين الدولارات في مشروع تجاري يديره ثلّة من خبراء متخصّصين يرسمون ستراتيجية تضخيم أرباحه التي تقلّص نفقاته الكبيرة الى حدود متوسطة ، وهو ما يتوجّب على الاتحادات الوطنية وخاصة العربية أن تفكّر بعمق في كيفية تنشيط خمولها التجاري لتطوير مسابقاتها والاعتماد على موارد ذاتية تستقل بميزانيتها المالية بعيداً عن مُنح حكومية محدودة ، ومستفيدة من علاقات مصلحية متبادلة بينها وبين الشركات الخاصة العاملة في بلدانها وبعضها مُدعم من الدولة في قطاع الإعلام والاتصالات والمالية على وجه التحديد.
وبالرغم من تباين حظوظ مشاركة فرق السد القطري - مضيّف البطولة السادسة عشرة لكأس العالم للأندية - والهلال السعودي والترجي التونسي ، إلا أنها شرّفت الكرة العربية والآسيوية والأفريقية ، ونالت هالات الاعجاب من خارج المحيط العربي تقديراً لروحية اللاعبين ووقوفهم نداً أمام الخبرة المتنوّعة في الفكر الأوروبي والأمريكي الجنوبي وأساليب اللعب المباغتْ والمطاولة في الضغط وسط الملعب وكيفية ضبط التنظيم الدفاع وإيجاد الحلول الهجومية السلِسة ، ما أوجد مساحة كبيرة من التفاؤل بالثلاثي العربي المُختلف في مدارس اللعب والموحّد في الدرس العالمي بأن اللاعب العربي بات متمرّساً لقبول تحديات البطولات الكبرى.
وفي إطار النجاح التنظيمي لبطولتي كأس الخليج 24 وكأس العالم للأندية ، تكون قطر قد اجتازت اختباراً مهمّاً على صعيد تجريب تحضيراتها لبطولة كأس العالم التي ستنظّم في الشهرين ذاتهما أي ما بين 21 تشرين الثاني و18 كانون الأول من عام 2022 ، واستفادت من نتائج العمل المباشر في النقل من خلال التشغيل التجريبي لمترو الدوحة ، وتدشين طريق المجد من الجنوب الى الشمال ، وكذلك الميناء والمطار الدوليين ، وتشطيب جاهزية أغلب الملاعب الثمانية المضيّفة للمباريات ، وتوفر الفنادق ومراكز التسوّق ، حتى باتَ من يزور الدوحة الآن كأنه يعيش الحدث المونديالي قبل أوانه.