د.علي الهاشمي
بالعودة الى ما توصّل له علماء الآثار والمؤرّخون عن تاريخ كرة القدم العراقية بأدلّة فسّروها حسب رؤيتهم في أن ما وجدوه في مدينة نفر قرب عفك في محافظة القادسية من خلال لوحة أثرية تعود الى القرن التاسع عشر قبل الميلاد تمثل ساق رجل وأمامه ما يشبه كرة القدم ،
واستخدموا هذه اللوحة للمحاجَجة مع دول تدّعي أنها صاحبة الفضل في نشأة كرة القدم وتعود إليها بدايتها ونشرها كإنكلترا والصين لمحاولة إثبات أن العراقيين أول من لعب كرة القدم ، ولا نريد أن نتحدّث عن أشياء موغلة في القدم من الصعب التأكد من صحّتها لأن التاريخ القريب في كرة القدم أختلف بشأنه المؤرّخون عندما قال بعضهم أن كرة القدم دخلت العراق عن طريق البصرة باعتبارها الميناء الذي ترسو على شواطِئه السفن وآخرون قالوا من الموصل تعلّمها طلبة يدرسون في تركيا وعلّموها لغيرهم بعد عودتهم للعراق وثالث قال عن طريق بغداد.
كل الجدل لتأريخ عمره قرن ونيف حيث يشير تاريخنا الكروي الى أن العراقيين مارسوا كرة القدم عام 1914م وأول مباريات اقيمت عام1918 في ساحة الشيخ عمر بين فريقي دار المعلمين الابتدائية ومنتخب المدارس حينذاك ، وسُقت هذه المقدمة التاريخية لكي أتمكّن من القول إن هذا التاريخ البعيد والقريب منه يفترض أن يشفع لنا بأن نكون ضمن الفرق العالمية وضمن فرق المقدمة في تصنيف الاتحاد الدولي .
إن بطولات الخليج انطلقت في دورتها الأولى في البحرين عام 1970 شاركت فيها أربعة منتخبات هي الكويت والسعودية والبحرين وقطر والتحقتْ في أوقات مختلفة دول خليجية أخرى أضيف لها العراق واليمن .
وشكّل العراق بتأريخه الكروي إضافة مهمّة للبطولة ، وأصبح مركزاً اشعاعياً رياضياً بين أشقائه في الخليج بلاعبيه ومدربيه واستطاع أن يكسر احتكار دولة الكويت وتربّعها على عرش البطولة تسع مرّات ليفوز العراق بها في أعوام 1979 و1984 و1988 وأن يكون وصيفاً لها مرّتين حتى مُنع من المشاركة فيها منذ عام 1992 ليعود لها مجدّداً عام 2004 ، ومنذ عودته لم يتمكّن من الفوز ببطولتها .
وعودة لمحاكاة التأريخ والمفترض فيه أن يكون دافعاً لنا وشفيعاً في التناسب بين تاريخنا الكروي والنتائج المتحقّقة فنسبح في البحار والمحيطات لا أن نغرق مراراً في مياه الخليج وآخرها خروجنا من البطولة 24 في الدوحة كانون الأول الحالي على يد منتخب البحرين بركلات الترجيح ليتوّج بها بعد نصف قرن من انطلاقتها أول مرّة برغم اليأس الذي يشعر به مؤسسو كرة القدم البحرينية بتصريحاتهم في سنوات خلت (لن تفوز البحرين بالبطولة إلا إذا كانت الكرة مربّعة وليست دائرية) علامة الاستحالة بالفوز ، وقد تم تذكيرهم بهذه التصريحات بعد فوزهم فأجابوا (فزنا بالبطولة لأن الكرة اصبحت مربعة) .
لقد عملتْ البحرين بصبر وصمت وتقدّمت بهدوء وخططت واستفادت من تجارب الآخرين وخبراتهم واستقدمت المدربين واللاعبين ومنهم عراقيون حتى تكلّلت جهودها بالفوز بعد أن كانت تحسب ألف حساب للقاء المنتخب العراقي انعكست الصورة فأصبح العراق يحسب لها وصار منتخب البحرين عقدة المنتخب العراقي برغم أن الفريق العراقي في بطولة كأس العرب الثالثة عام 1966 فاز على البحرين بعشرة أهداف مقابل لا شيء ، وفي بطولة الخليج الرابعة والخامسة فاز العراق عليها بأربعة أهداف وفي بطولة كأس العرب 1985 تعادلت مع العراق بهدف واحد لكل منهما حتى استطاعت أن تفوز على منتخب العراق بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد في بطولة الخليج عام 2009 وآخرها الفوز الذي حققته قبل أيام في خليجي قطر بركلات الترجيح على المنتخب العراقي ، هذه الركلات أعطت مبرّراً لخسارتنا كون الخسارة بركلات الترجيح وليس في اللعب وكون الركلات ضربات حظ ، وهذه التصريحات والتبريرات تفرض سؤالاً لماذا جعلنا المباراة تصل لركلات الترجيح؟ لأن منتخبنا عجز خلال 120 دقيقة من حسم المباراة لعباً .
وأخيراً نقولها بألم وبحسرة تقطع الأنفاس كم تقدّمت دول الخليج كروياً وكم تأخرنا؟ أبحثوا عن الأسباب وأوجدوا المعالجات وخطّطوا وأرحموا عيون المشجعين من دموع الأم بالخسارة.