رعد العراقي
تستعد نخبة المنتخبات الأولمبية للمشاركة في النهايات الآسيوية المؤهِّلة الى أولمبياد طوكيو 2020 بهدوء ودون ضجيج وبوتيرة متصاعدة من أجل الظفر بإحدى البطاقات وتحقيق أمل التواجد في المحفل الأولمبي
إلا منتخبنا الذي شهدَ محطّات مأساوية منذ بداية استعداداته قبل التصفيات الأولية واستمرّت حتى الآن برغم أن أولى المواجهات في تايلاند أمام المنتخب الاسترالي يوم 8 كانون الثاني القادم لم يتبق عليها سوى أيام معدودة.
لغز الأولمبي بات يشكّل مصدر قلق للجماهير الكروية خشية ضياع طموح التأهل للمرة الثانية على التوالي بعد أن تحوّل الصراع وتبادل الاتهامات بين المدرب عبد الغني شهد واتحاد الكرة الى حدود غير منطقية لا يمكن تفسيرها إلا بالقول إن كل طرف بات منهمِكاً في تحضير التبريرات وتقاذف التهم لإخلاء ساحة مسؤوليته مسبقاً ، في حين أن مسألة سُمعة المنتخب وتواجده في أكبر محفل دولي وإفراح الجماهير خارج حسابات الطرفين المنشغلين في حلبة.
الصورة يمكن أن تُلخّص حجم الفوضى والعجز الإداري وبدائية التخطيط ومحدودية خيارات التصرّف سواء للاتحاد أو حتى الملاك التدريبي الذي تناسى أن القبول بالمهمة لا بدًّ أن يستند الى أُسس منطقية ومنهاج متّفق عليه وهو يدرك أيضاً أن المساحة الزمنية منذ قيادته للمنتخب كانت متاحة له لانتقاء عناصر جديدة بعيدة عن أي شبهة تلاعب بالأعمار وغير محسوبة على المنتخب الوطني ، وبذلك فإنه أقرَّ ضِمناً قدرته على خلق توليفة لا تكون محط خلاف وهو ما أكدته تصريحاته ولقاءاته المتكرّرة لنتفاجأ قبل أيام من بدء المنافسة الى المطالبة بأسماء معينة لدعم المنتخب وإقراره بصعوبة تحقيق نتائج مرضية في ظل خياراته الحالية وهو ما شكّل عنصر مفاجأة واعتراف منه بأن كل المعسكرات والرحلات الاستعدادية فشلت في قدرته على ولادة منتخب برداء الحداثة والتجديد ليتمسك بأمل النجاح وإنقاذ التاريخ بمن هو مجرّب من اللاعبين.
مهما تكن التبريرات وما سبقه من تشكّي لقلّة الدعم أو التفاعل مع طلباته وخاصة فيما يخص اكمال الأوراق الرسمية لبعض اللاعبين المغتربين لا تشكّل عذراً مشروعاً لسبب بسيط يتمثّل بمنطق كان دائما ما يتحدّث به هو اصراره على تجاوز كل العقبات والانتصار لقدرته على إثبات امكانياته في خوض النهائيات واسقاط كل مشاريع التنكيل أو المراهنة على فشلهِ في حين أنه يدرك جيداً ان المسؤولية جسيمة اما الاستمرار والثبات وهو في وتفادي المشاكل والمعوّقات التي تعترض طريقه أو الانسحاب وترك المهمة لمن له القدرة على اكمال المسيرة وفق متطلّبات المرحلة .
أما الانتظار لبضعة أيام قبل انطلاق البطولة والتلويح بالاستقالة أو التخلّي عن وعد تحقيق أي نتائج مرضية أو المنافسة على أحد البطاقات المؤهلة فهو إخلال وتهرّب لا يليق بمدرب خبرته الجماهير وراهنت عليه كثيراً بصبره وحنكته التي تهاوَتْ في لحظة انفعال غير مدروس .
في كل تلك الاحداث فإن اتحاد الكرة سيبقى رأس الرمح في كل غزوات المعاضل التي تواجه الكرة العراقية ولا أظن انه سيترجّل عن مشروع إصراره على إدارة المنظومة الكروية برغم السقطات المتكرّرة وحجم التُهم التي باتت توجّه لهُ حتى من مدرب يعمل تحت توجيهاته وربما يكون مُحقّاً في جزء من المشكلة المتمثلة في محاربته بعد السماح لعدد من لاعبي المنتخب الوطني بالالتحاق بالمنتخب ومن ثم إلغاء الأمر وكأنه لا يدرك أن تلك الإجراءات تُدلّل على افتقاره لأبسط مقوّمات الثبات على أي قرار يصدره وهو دليل لا يقبل الشك على تخبّطه وخشيته على ما يترتّب بقانونية مشاركة تلك المجموعة من اللاعبين بما يعني هروبهِ من المسؤولية كذلك.
باختصار ومهما كان من قرار بخصوص الملاك التدريبي أو اللاعبين ، فالمنتخب الأولمبي ليس ميداناً مناسباً لكل المرتجّفين من المسؤولية في وقت بات العامل النفسي يَسلِب من اللاعبين كل عوامل القوة والثبات وهم يشاهدون فصول من اهتزاز الثقة بهم من الملاك التدريبي وحتى توقعات ذوي الشأن من المعنيين التي بدأت تتوجّه نحو رمي منديل الهزيمة وحتى المطالبة بالانسحاب من النهائيات بعد أن تيقنوا من حجم مرارة المنتخب الأولمبي ورحلة إعداده العصيبة التي لم تلد لنا في النهاية سوى طَلَلُ ينتحِب عنده الجميع!