علي حسين
أخطر ما ابتلي به العراق أن تولى أمره وتحدث باسمه من لا يعرف قدره ومكانته من عينة النائب صاحب مشروع " البصاق " الوطني ..بالأمس كنت أنظر إلى وجوه مجموعة من المتظاهرين في ساحة التحرير.. شباب وشيوخ، وفي وسط المشهد امرأة في منتصف العمر تبدو سعيدة وهي تقدم الطعام لمن حولها.
كنت أنظر إلى وجه المرأة، وأنا أقول لصديق متحديا أن يجد سياسيا يحب العراق مثل هذه المرأة، التي قالت إنها لم تستطع صبرا والشباب في ساحة التحرير يحتاجون إلى الطعام، فأجبرت ابنها على أن يحمل معها "القدور" لترى أبناءها وهم يرفعون اسم العراق على حد قولها.. حين تحدثت المرأة ران الصمت على المكان وكأن الجميع يتعبد في محراب الكلمات.. لمعت العيون بدمع واحد، لا فرق بين ما تراه في عيني شاب يسكن مدينة الصدر، وعيني شاب جاء من الموصل .
وأنا أنظر إلى الوجوه التي انمحت منها علامات الطائفية والمذهبية.. وجوه تعيد اكتشاف جوهر هذا الشعب.. وجدت نفسي أمام مواطنين بسطاء يريدون أن ينفضوا عن هذا الوطن غبار الطائفية والمحسوبية والانتهازية، ولعل أجمل ما في هذه الوجوه أنها أثبتت أننا شعب لم يتفسخ بعد، رغم سياسة التنكيل والإفساد وشراء الذمم التي مورست خلال السنوات الماضية، شعب لم يفسد رغم محاولات البعض بإفساد مناخ الألفة فيه وزرع قيم الطائفية واشاعة نظرية حنان الفتلاوي التوازنية ، وبث الفرقة بين أبنائه على طريقة محمد الكربولي الذي يتهم العراقيين انهم يتعاركون على دجاجة ، فكيف اذا كان الامر مناصب وملايين الدولارات ، وسياسة التخويف والقتل على الهوية التي تمارسها الجماعات المسلحة ، أدهشتني وأفرحتني هذه الاستعادة المبهجة لأصالة ووطنية الشخصية العراقية في لحظة تصور البعض أن أحزاب الطوائف استطاعت أن تحرق مساحات الفرح والخضرة فيها، وهل هناك وطنية أكبر وأنضج من الموقف الذي اتخذنه هذه المرأة التي لا نعرف إلى أي طائفة تنتمي، حين وقفت تهتف بصوت عال وهي ترى أحد أبنائها كما سمتهم، يقرأ قصيدة، لم تسأل إلى أي طائفة ينتمي، وفي أي محافظة يسكن أهله وأقاربه ففي عتمة الانتهازية السياسية وألاعيب القرقوزات ، وفي ظل مخطط شديد لتسفيه المتظاهرين ووصفهم بالعمالة، نجد أناسا بسطاء يتحدثون عن الضمير فنشعر بنبرة الصدق تشرق في ملامح وجههم، لا فرق بين مسلم ومسيحي، بين سني وشيعي، كردي وعربي ، الجميع انصهر في بوتقة واحدة اسمها العراق، هذا الشعب قفز فوق أحزابه الكرتونية، وسياسييه المتعجرفين.
ياجنرالات الطائفية أنتم مهزومون حتما.. ستهزمكم دموع الفرح التي سكبتها هذه المرأة وهي تهتف باسم العراق.. سيهزمكم عراق واحد يدافع عن نفسه ضد إرهابكم.
جميع التعليقات 1
مثنى العبوسي
صدقت و بوركت بان سطرت ما يشعر به العراقيين البسطاء الأبطال الشرفاء، نصر الله المظلوم على الظالم بسلمية التظاهرات وأخذ الظالم بظلمه ودمويته أخذ عزيز مقتدر وقريبا ان شاء الله.