TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: صواريخ عبد المهدي الباليستية

العمود الثامن: صواريخ عبد المهدي الباليستية

نشر في: 8 يناير, 2020: 09:48 م

 علي حسين

أتخيل المواطن العراقي المسكين المحاصر بانعدام الخدمات والبطالة وشرور الطائفيين، في البصرة أو في بغداد أو في الموصل أو ذي قار، وهو يتأمل السيد عادل عبد المهدي، مرة يخبره أن"فخامته" كان يعرف بالصواريخ التي أطلقت على قاعدة عسكرية في كركوك،

ثم ينام يومين ويصحو ليقول إن الأمريكان أخبروه بالغارة على قوات عراقية في الأنبار، ثم يختفي أياما قليلة ليخرج علينا وهو يهز رأسه قائلا: "ياجماعة أنا أعرف كل شيء فقد أبلغتني إيران أنها ستضرب القاعدة العسكرية في عين الأسد"، وسيفرك المواطن العراقي عينيه متسائلاً وهو يستمع إلى تصريحات عادل عبد المهدي: هل نحن نعيش في بلاد تسخر من مواطنيها وتستغفل عقولهم بشكل قاسٍ إلى هذا الحد؟ هل صار العراقيون بحاجة إلى مسؤولين يغلقون هواتفهم في الليل ويتركون المواطن يقضي سهرته مع الصواريخ الباليستية؟ وما الأفضل للناس البقاء أسرى لخطابات عادل عبد المهدي التي لا تفارقها لازمة "كنت أعلم"، أم الاستعانة بالسوبرمان "فالح الفياض"؟.

ماذا كان يفضّل العراقيون حقاً: العدالة الاجتماعية والرفاهية والأمان، التي ما يزال جميع السياسيين يتغنون بها من أجل الحصول على مزيد من الامتيازات والأموال المنهوبة والمناصب، أم القتل المجاني والبطالة ونهب الثروات؟ من أوصل المواطن المسكين إلى هذا الخيار، إما القتل على يد قوات مكافحة الشعب او وكلائها من المسلحين ، أو الهتاف لعادل عبد المهدي الذي يريد أن يحرر العراق من الاستعمار الأميركي؟ ماذا حدث لـ"دولة الإصلاح"؟ أين غابت خطب النزاهة والشراكة والقضاء المستقل؟ بماذا يفكر العراقي وهو يرى المسؤولين الإيرانيين يسخرون من معاناته ويقولون له بكل بساطة لم يحن الوقت بعد لأن تصبح صاحب قرارٍ حرٍ، فما زال هناك الكثير من الصواريخ الباليستية التي نريد أن نجربها؟! ماذا سيقول المواطن العراقي في نفسه عندما يرى أن تضحياته على مدى عقود كاملة انتهت إلى طائرات أميركية تتجول في سماء العراق دون أن يسألها أحد: ماذا تفعلين؟ 

يبدو الأمر سريالياً، ونوعاً من مسرحية عبثية لم يكتب مثلها حتى المرحوم صمويل بيكيت، في بلاد تعجز القوات الأمنية وتتخاذل عن إلقاء القبض على أحد "المفسدين"، لكنها تمارس هيبتها وسلطتها ورصاصها الحي ضد متظاهرين عزل.

بعد سبعة عشر عاماً من وصول إسلاميي العراق إلى السلطة، حصلت أحداث "سارة" في بلاد الرافدين. أبرزها أن قتل أكثر من 500 متظاهر أمر غير مهم في نظر الدولة"، وانتشار البطالة والفقر أمر بسيط، لم تعد مسألة الإصلاح مهمة ولا ملاحقة الفاسدين، المهم أن الجميع يعتقد أن عادل عبد المهدي لم يعد "إكسباير" وأنه صالح للاستخدام، ما دام يجيد مهنة موظف استعلامات أميركا وإيران.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: نظرية "كل من هب ودب"

 علي حسين يريد تحالف "قوى الدولة " أن يبدأ مرحلة جديدة في خدمة الوطن والمواطنين مثلما أخبرنا بيانه الأخير الذي قال فيه إن أعضاء التحالف طالبوا بضرورة تشريع تعديلات قانون الأحوال الشخصية، التي...
علي حسين

قناديل: انت ما تفهم سياسة..!!

 لطفية الدليمي كلُّ من عشق الحضارة الرافدينية بكلّ تلاوينها الرائعة لا بدّ أن يتذكّر كتاباً نشرته (دار الرشيد) العراقية أوائل ثمانينيات القرن الماضي. عنوان الكتاب (الفكر السياسي في العراق القديم)، وهو في الاصل...
لطفية الدليمي

قناطر: كنتُ في بغدادَ ولم أكنِ

طالب عبدالعزيز هل أقول بأنَّ بغداد مدينةٌ طاردةً لزائرها؟ كأني بها كذلك اليوم! فالمدينة التي كنتُ أقصدها عاشقاً، متلهفاً لرؤيتها لم تعد، ولا أتبع الاخيلة والاوهام التي كنتُ أحملها عنها، لكنَّ المنعطفَ الخطير والمتغيرَ...
طالب عبد العزيز

الزواج رابطة عقدية تنشأ من دون وسيط كهنوتي

هادي عزيز علي يقول الدكتور جواد علي في مفصله لتاريخ العرب قبل الاسلام ان الزواج قبل الاسلام قائم على: (الخطبة والمهر وعلى الايجاب والقبول وهو زواج منظم رتب الحياة العائلية وعين واجبات الوالدين والبنوة...
هادي عزيز علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram