علي حسين
أن يجتمعوا أو لا يجتمعوا.. لن تَفرُق كثيرا بالنسبة للمواطن العراقي الذي قدم خلال مئة يوم 670 شهيدا ، كان آخرهم مواطن في السبعين من عمره، جريمته الكبرى أنه أصر على أن يرفع لافتة مكتوب عليها "أريد وطن..
ما بيه حرامية"، فماذا ينفع المواطن اجتماع البرلمان؟، فالأمر لا يعدو كونه أحاديث فارغة عن الإصلاح والتغيير، وتشبّع الجو بكميات هائلة من الكلام الأجوف . والمضر للاسماع والابدان .
سيقولون نفس الكلام وسيملأون قاعة البرلمان بكائيات عن حب الوطن و"اللُحمة" التي يريد شباب الاحتجاجات أن يفرطوا بها، بعد أن عانى إبراهيم الجعفري لسنوات حتى يحصل لنا على واحدة منها .
فنوابنا الأفاضل الذي قرروا التمتع بإجازتهم الفصلية الأسبوع المقبل، لا يهمهم ما يجري في العراق، فهم منذورون لمهة أكبر: إصلاح أخلاق هذا الشعب وحثه على الفضيلة.. وأتمنى أن لا يعتقد البعض أن جنابي يروج لحزب الفضيلة، الذي اكتشفنا أنه معني جدا بالحملة الإيمانية بدليل أنه افتتح مراكز مساج على أراضي جامع الرحمن كما جاء في بيان أصدره الوقف الشيعي.. النواب "الأشاوس" وبعد إجازة سعيدة سيقضوها في لندن وبيروت ودبي وطهران سيعودون إلينا فوق صهوة جياد غبر ومعهم ألف ألف من النوق العصافير تيمنا بعمنا العبسي عنترة بن شداد، وأول هذه "النوق" كانت من رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي الذي كشف لنا سرا طالما حاولت الإمبريالية أن تتستر عليه، فقد اكتشف أن هناك مخلفات من "العملية السياسية من (الخَرِفين)" كما وصفهم يريدون أن يزايدوا على حبه للعراق وشعبه، والدليل "انه هو" الحلبوسي سبق الجميع في الإجازة ، وهو يغرد هذه الأيام من دبي.
يكتشف المواطن مجددا أن البرلمان ليست مهمته خدمة الناس، وبناء مؤسسات للدولة، بل هو مؤسسة نفعية ومصلحية بالأساس، وأكرر أن هؤلاء النواب مخلصون تماما لأفكارهم التي لا تحيد عن المصلحة الشخصية، وأوفياء لكرههم الستراتيجي لقيمة الوطنية والعلم والدولة المدنية، هم أبناء بررة لمنظومة سياسية تعتاش على المحاصصة وتكره الكفاءات والخبرات، وأزعم أن المناوئين للتجربة السياسية الجديدة في العراق، لو سهروا الليالي بحثا عن وسائل للشماتة من تضحيات العراقيين وصبرهم لما وجدوا أنجع وأفضل من تصريحات أعضاء البرلمان الذين يقدمون كل يوم دليلا إضافيا على أن ما يطرحونه لا يصلح لدولة بحجم ومكانة العراق.
الحمد لله ستتوقف جلسات البرلمان وسيرتاح المواطن من مئات الأمتار المكعبة من عوادم الكلام المعاد إلى درجة الملل والنتيجة صفر، سواء أعلن الحلبوسي عن جدول أعمال "مضحك" أو بدونه ، فالوضع يؤكد ان لا احد في هذه البلاد يأخذ البرلمان وقراراته على محمل الجد .