طالب عبد العزيز
مؤلم وموجع للقلب أن نتيقن بان مجموعة من الخونة والعملاء والقتلة تتحكم بمصير شعب مثل العراق، وأكثر من هذا وجعاً وإيلاماً أن يعتقد البعض بانَّ ما يقوم به الشباب المتظاهر من أعمال،
مثل حرق الإطارات وقطع الشوارع وتعطيل العمل في المؤسسات قضايا يتوجب محاسبة القائمين بها !! عن أي شوارع نتحدث؟ وعن أي عمل معطل يجري الحديث؟ وعن أي مؤسسات يتوجب احترام القوانين؟ بل عن أي حكومة يمثلها أمثال هؤلاء يتوجب علينا الانتظار والصمت وتاجيل الغضب؟
تمنع الحكومة المتظاهرين السلميين، بل وتضربهم بالرصاص الحي إذا اقتربوا من الميناء وأرصفة ضخ النفط، وهم يعلمون بان الموانئ والنفط عصب حيوي يمد الطرف الثالث بالمال والسلاح يومياً، عبر متوالية الهيمنة والتحكم بها منذ عقد ونصف من الزمن، وتنصحهم بعدم الاقتراب من المدارس والجامعات، وهم يعلمون بان التعليم في العراق لم يعد تعليما محترماً، وهو الاسوأ في سلم البيانات العالمية، وتمنعهم من غلق الشوارع والتواجد في التقاطعات، وهم يعلمون بان الطرق والشوارع الرئيسية الخارجية والداخلية إنما هي مفتوحة امام حركة المليشيات والسيارات المظللة والرصاص الطائش. عن أي قوانين نتحدث يا ترى؟ وما لنا لا نخرج ضد الخراب هذا كله؟
ما الذي ينتظره الشباب العراقي وقد أضاع آباؤهم أجمل سنوات أعمارهم في حروب وحصارات النظام السابق، وحين سقط النظام تطلعوا للحياة بعين النسيان والامل، لكنهم فوجئوا بعصابات الاحزاب الاسلامية وهي تسلبهم الحياة والامل والنسيان ايضاً. ما الذي ينتظرنه وقد فقدوا فرص العمل، ومتع الحياة، وأحلام الغد، وقد عصفت بهم رياح الطائفية من كل صوب، بعد أن سُوّقت لهم على أنها الضرورة، التي لا بد منها للفوز بنعيم الحياة، ومن ثم الخلود في الجنة مع الانبياء والاولياء والعلماء، ولما كان لها ذلك، سلبتهم اللحم والدم والامل، وهي منذ أكثر من 16 عاماً تبتكر الوسيلة تلو الوسيلة لتسلب وتنهب وتقتل، وياتي من يحدثنا عن احترام الدستور والقوانين، وكلنا يعلم بأن الدستور إنما شُرّع في غفلة من الوطن، والقوانين سنت لتخدم السلطة وليجور بها القتلة على المساكين.
كيف لشعب أن يحترم سلطاته بما فيه قوانينها ورفيع الرتب بين ضباطها وهو يُقتل بعلمها، وتغيّب عنه نتائج لجان التحقيق، التي شكلت وتتشكل منذ 17 سنة الى اليوم، كيف، وهي تجاهر بأعمال القتل والسرقة والتهريب والخيانة والعمالة، وكلنا يعرف قاتله وسارقه ومهربه وخائنه. عن أي شرعية تحدثني والسلطة تتستر على هؤلاء جميعاً، وتتفنن في إطلاق سراح من تعتقل منهم، مستغلة عشرات الثغرات في قوانينها، وقد دخل سجونها العشرات والمئات، لكنهم لم يلبثوا فيها إلا اليوم والليلة، إذ سرعان ما يُفرج عنهم بموجب تشريع تنتجه العقلية التبريرية، مستثمرة (الدين والعطف والانسانية) .
عن أي فعل حقير يصمت الشباب الوطني المتظاهر، والزمن يتبدد بين يديه، وفرص العيش تختفي، والقيم تتراجع أمامه، والمستقبل يغيب في يقينه، ومعاني الانسانية تندثر في وجدانه، ما الذي سيخسره إن فقد حياته، ومن سيوفر له المعاني الحقيقية لمفردات مثل الحرية والكرامة والمستقبل والعيش الآمن.. إن لم يكن الغضب والتمرد والرفض عناوين لها.
جميع التعليقات 1
Emad
اشهد بالله العلي العظيم لم تكتب للتاريخ الا الحقيقة