علي حسين
ماذا يحدث لو أن رئيس الجمهورية نزل إلى ساحة التحرير واختلط بالمتظاهرين؟ ماذا يحدث لو وجدنا مسؤولا عراقيا كبيرا يقف مع المحتجين تحت نصب الحرية؟
لعل البعض سيسخر من أمنيتي هذه ويعتبرها ضرباً من الخيال، سألت نفسي هذا السؤال وأنا أشاهد صورا كثيرة لمسؤولين في بلدان الله الواسعة يلتقون بالمواطنين ويتحدثون معهم ويمازحون الناس، وهي صور تحمل الكثير من الدلالات والمعاني تجعلنا، نحن عباد الله المساكين، نشعر بالمرارة والأسى حين نرى عضو مجلس نواب يتلصص علينا من جكسارته أو حين تنصب خيمة لقائد عسكري فوق أحد الجسور المطلة على ساحة التحرير ليتفرج "سيادته " على شباب يضربون بالهراوات وتسلخ جلودهم بقنابل الغاز. لقد تعودنا، نحن العراقيين، أن نعيش في منطقة يحاط فيها المسؤولون بأسوار عالية وجدران عازلة يستحيل اختراقها، لا يلتقون بالمواطنين وجها لوجه، لا يصافحونهم إلا بعد أن يتأكدوا من عدم إصابتهم بأمراض معدية، ويحدث في بعض المرات أن يتم جلب بعض "الكومبارس" لكي يؤدوا مهمة التسبيح بحمد الحكومة أمام رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، وكل منهم يطلق سيلا من الوعود والمشاريع تتبخر ما أن يغادروا عتبات قصر الحكومة. بالطبع أنا لست خيالياً حتى أدعو جميع السياسيين إلى أن يجلسوا معنا ويتمشوا في الأسواق وأن تتكحل عيونهم بأكوام "الأزبال" التي أصبحت ماركة مسجلة في كل شوارع العراق، ولن يذهب بي الخيال بعيدا فأطلب من السادة الرؤساء والمسؤولين العراقيين أن يراجعوا إحدى دوائر الدولة لإنجاز معاملة بسيطة، فنحن نعلم أن كبار مسؤولينا ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها وحمايتها من غريبي الأطوار أمثالنا، أنا فقط أريد منهم أن يعيشوا مثل البشر العاديين وينزلوا مع المتظاهرين وينظروا حولهم وسيجدون حتماً حكومة تعيش بفضل " فروة" عادل عبد المهدي " عالماً من الخيال والأحلام، لا يشعر بعض مسؤوليها بالناس، أن ينزلوا إلى ساحة التحرير ولا يهوّنون من أمر، ولا يقولون إن العراق فيه ثلاثون مليوناً ولا يضره أن يغضب بضعة آلاف من المتسكعين. انزلوا لتقرأوا شعارات المتظاهرين بمنتهى اليقظة، وكفاكم خداعاً للناس وابتسامات زائفة، وهدوءاً غير مبرر، وتصريحات لا تقيم وزناً للمشاكل الحقيقية التي تمر بها البلاد.
.يحاول بعض ساساتنا التعامل مع المتظاهرين بمنتهى الاستخفاف بإرادتهم والاستفزاز لمشاعرهم حين يطلبون منهم أن يظلوا صامتين راضين داعمين لمهرجان الشعوذة السياسية المنصوب في معظم مؤسسات الحكومة تحت شعارات مضحكة من عينة "أننا بلد ديمقراطي ، ، الناس تريد مسؤولاً يفتح قلبه لهم قبل عينيه، ولا تريد مسؤولاً تعمي السلطة عينيه وتميت قلبه، فلا يرى أمامه سوى الكذابين والمنافقين الذين يصورون له الشعب على أنه مجموعة من " الجوكرية " وعملاء السفارات .