علي حسين
ستكون مجنونا أو حالما، لو ظننت أن قناصي حكومة عادل عبد المهدي المنتشين بمقتل أكثر من 600 متظاهر، سيعقدون مؤتمرا يناقشون فيه مفهوم الدولة، فهم يؤمنون أن الدولة مزرعة طابو لأجدادهم وسيورثونها من بعدهم لأبنائهم..
ولهذا لن يسمحوا لك بطرح سؤال عن المليارات التي تنفق على الأجهزة الأمنية والتي لا عمل لها سوى قتل المتظاهرين وإحراق خيمهم ومطاردتهم في الشوارع والساحات والاعتداء على الفتيات.
في كل مرة أكتب فيها عن قوات مكافحة الشغب أجد نفسي متهماً بالخيانة العظمى، إذا تساءلت : ما هو الوقت الذي يصرفه وزير الداخلية ياسين الياسري على متابعة جرائم القتل والخطف ، ولعل السؤال الوحيد المسموح لك كصحفي هو كيفية الانضمام إلى جوقة الانتهازيين الذين يهللون ويصفقون لعبد الكريم خلف، حتى وإن كانت خطاباته تعجل بالخراب.
دارت تلك الخواطر بذهني، وأنا أقرأ تحقيقا مثيراً للأسى نشرته المدى في عدد اليوم – الخميس - عن مؤتمر لوزارة الداخلية حمل شعار "دور الإعلام في ترسيخ مفهوم الدولة" فكانت قرارات المؤتمر هي مجموعة من الشتائم بحق المتظاهرين والسخرية منهم وإطلاق أوصاف جوكرية وزعاطيط، واتهامهم بأنهم يتلقون الدعم من إسرائيل.
مهرجان السيرك الذي أقامته الداخلية وبدعم عدد من المحللين السياسيين الذين تمتلئ بهم القنوات ويسخّرون كل جهودهم لشيطنة الاحتجاجات ، شهد واقعة لا يمكن أن تمر في دولة بها مجلس قضاء ومدعٍ عام، ففي لحظة تباهي قال اللواء "الببغاء" عبد الكريم خلف للحضور وبصوت عال إنه "سيقضي على مقدم البرامج نبيل جاسم وشخصين آخرين يقيمان في الأردن"، وأضاف وهو يفرد عضلاته ليتحدث عن شهداء الاحتجاجات "من يأتي ليخرب ويسرق هل يتوقع أن نرمي عليه الزهور أم نقتله"، وهذا اعتراف صريح يثبت مسؤولية عبد الكريم خلف عن مقتل مئات الشباب، لإنه يبرر للجريمة ويزينها.
ما قاله عبد الكريم خلف دون أن يخشى المحاسبة ينتمي إلى ماركة العراق المسجلة من المضحكات المبكيات، على رأسها ما وثقته وكالات أنباء عالمية عن قيام قوات مكافحة الشغب بمطاردة الفتيات والتعرض لهن دون أن يرف جفن للقائد العام للقوات المسلحة أو حتى يتعرق خجلا وهو يرى فتاة بعمر حفيدته تتلقى الضربات من رجل أمن مهووس.
لن أوجه أسئلتي للبرلمان الذي تحول إلى مجرد ديكور للديمقراطية بل سأوجهها لمن يتحملون مسؤولية قتل المواطنين وعلى رأس هؤلاء وزيري الدفاع والداخلية وسأسألهما كيف سمحا لعبد الكريم خلف أن يتباهى بقتل المتظاهرين؟،.. إن جرائم قتل المتظاهرين ستظل تطاردكم إلى الأبد وستتحملون مسؤولية ماحدث أنتم وغرابكم عبد الكريم خلف ، وكل من شارك في هذه الجرائم وبررها أو باركها أو صمت عليها.