د.قاسم حسين صالح
في أحداث درامية مصحوبة بفجائع تراجيدية،تمّ تكليف الدكتور المهندس محمد توفيق علاوي برئاسة مجلس وزراء الحكومة الانتقالية من قبل رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح.
ولأن من عادتي تقديم تحليل سيكولوجي لرؤساء الوزراء العراقيين (العبادي وعبد المهدي )..فإنني بدأت بمتابعة السيد علاوي من لحظة إعلانه عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالتكليف..والتقطنا مؤشرات سيكولوجية أولية نوجزها بالآتي:
- كانت أول آلية سيكولوجية استخدمها هو إنه تحدث للناس بلهجة شعبية ليكسب محبتهم وليعتبره العراقيون إنه (واحد منهم) .
- ظهر بمظهر أنيق في خطابه الرسمي ليولّد الأنطباع بأنه شخص مهذّب، وارتدى بدلة باللون الأزرق الذي يعبر عن الانفعالات الساكنة والهادئة. ولهذا اللون دلالة على العلو والرفعة في منظورنا السيكولوجي ،فيما يشير بالتفسير الديني إلى (النفس الأمارة بالسوء،وإنه سمة من سمات المجرمين الموصوفين بجملة صفات منها: البخل..بجمع المال وعدم إنفاق نسبة منه في سبيل الله)..بحسب الشيخ الكيلاني.
- بالغ في الزام نفسه بأحد عشر تعهدا،خمسة منها يمكن أن ينجزها في أسبوعين،وأخرى مستحيلة..تعرّضه،كلاهما،الى أن يخذل نفسه ويخذل من وعدهم..ويخسر المصداقية..فضلاً عن أن تعهده بصيغة المطلق تثير الشك عند العراقيين ..والسخرية عند آخرين من قبيل (شنو ديستغفلنه لو يعتبرنه أغبياء) .
- يعيش في داخله محنة التوفيق بين جماعتين متضادتين :جماعة تريد(تستعيد وطن) وجماعه تريد:(تستفرد بالوطن) .
صراع الأضداد
يواجه السيد محمد توفيق علاوي محنة لم يواجهها رؤساء الوزراء الذين سبقوه،لأن الصراع في السابق كان صراع إرادات بين مكونات السلطة تحديداً،فيما هو الآن صراع إرادتين بين مكونات السلطة (الشيعة تحديداً) والشعب بشكل عام ممثلا بمتظاهرين حصدت السلطة والمليشيات أرواح سبعمائة شهيد وأكثر من عشرين ألف جريح..وفي سابقة ما حصلت بتاريخ العراق السياسي لتجعل من يوم واحد تشرين/اكتوبر 2019 حدا فاصلاً بين ما قبله وما بعده.
وللصراع ،من منظورنا السيكولوجي، أربعة أنواع يمر بها من يعيش حالة السيد علاوي:
* صراع الإقدام- الإقدام: ينشأ بين هدفين إيجابيين غير متفقين مع بعضهما وعلى الفرد أن يختار أحدهما، ويعد من أسهل أنواع الصراع.
*صراع الإقدام – الإحجام:ينشأ بوجود مشكلة فيها جوانب سلبية وجوانب إيجابية،يتطلب حلها قدرة القائد على تحمل الجوانب السلبية..ويعد من أشد أنواع الصراع إرهاقا لصاحبه لأن الجوانب السلبية والإيجابية مترابطة..متشابكة ،وإذا استمر لمدة طويلة دون حل فإنه يقود الى القلق والتوتر.
*صراع الإحجام- الإحجام:ينشأ بين هدفين متناقضين،مقيمين سلبياً ولا مفر من اختيار أحدهما ،ينتهي باختيار الموقف الأقل إزعاجا،أو اعتماد آلية التأجيل والمماطلة.
* صراع الإقدام – الإحجام المزدوج:ويسمى أيضاً صراع الميول المتناقضة المضاعف..يجمع بين أشكال الصراع الثلاثة بإضافة قوة الى أحد جانبي الصراع تعزز من إمكانية الإقدام على أحدهما وتقلل من الإحجام عن الآخر أو العكس.
إن واقع حال الأزمة في العراق ومطالب المتظاهرين وتوجيهات المرجعية من جهة،والمافيات السياسية والوضع الأمني من جهة ثانية،والواقع الأقليمي والدولي من جهة ثالثة..تفرض على السيد علاوي أن يعيش حالة تناقض الاضداد في حل الصراعات..أشدها عليه هو صراع الإقدام – الإحجام..يكفي منها واحدة تعد أخطر وأقبح ظاهرة ما حصلت في تاريخ العراق والمنطقة..الفساد،ويكفي تذكيره بأن سلفه السيد عادل عبد المهدي أفاد بأن موازنات العراق منذ عام 2003 بلغت 850 مليار دولار،إذا حولتها بالدينار العراقي تكون حصة الفرد منها خمسين مليون دينار،والفائض يكفي لإنشاء مصانع توظف عاطلين من خريجي الجامعات!..وإنها تضعه في اختبار مصداقية تعهده أمام المتظاهرين بان يعتمد فعل (الأقدام) فيما تفرض عليه قوة الفاسدين أن يعتمد (الأحجام(
والتساؤل الآن عند معظم العراقيين:
هل سيفي السيد علاوي بتعهداته أم سيكون كسلفه السيد العبادي الذي تعهد بضرب الفساد بيد من حديد وما ضرب؟!..وهل سيكون هاوياً على صعيد القول ونص ناوي على صعيد الفعل؟
جميع التعليقات 1
د . عزيز الركابي
علاوي نقل لنا إرث سياسي مبعثر وخلفيه مشوشه بكلمته ذات العهود. واقدامه مراهقه سياسيه ناهيك عن اطلالته المازومه ولربمااختار ان يكون مثل المضيع عجل خالته اذا لكاه يغني واذا لا هم يغني مع أصحاب العلقه.