TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الطالبات قادمـات

العمود الثامن: الطالبات قادمـات

نشر في: 9 فبراير, 2020: 10:05 م

 علي حسين

ذات ليلة من ليالي الشتاء دخلت سيمون دي بوفوار غرفتها، أضاءت الأنوار وجلست لتكتب، تدون ملاحظاتها وتتساءل أين المرأة من كل ما يجري في العالم؟،

هل سيصبح بمقدورها أن تشارك الرجل في اتخاذ القرارات؟. كان ذلك عام 1949. اليوم أصبح العالم مسكونا بشيء اسمه المرأة، فلم يعد من الممكن تشكيل برلمان أو حكومة في أي بقعة من العالم من دون النساء، وفازت امرأة مثل مارغريت تاتشر ابنة بقال انكليزي بلقب الشخصية الأكثر تأثيراً في العالم.

وأصبحت بلدان أمريكا اللاتينية تستبدل رؤساءها العسكر بنساء أنيقات، ذهب العصر الذي كانت تشكو فيه سيمون دي بوفوار من ظلم الرجل في كتابها المثير للجدل "الجنس الآخر"، الكتاب الذي تمردت فيه على سلطة رجل مثل سارتر ورفضت أن تصبح تابعة له مطلقة عبارتها الشهيرة: لا "يولد المرء امرأة بل يصبح كذلك". وقد أثار الكتاب في حينه ضجة كبرى في فرنسا وخارجها وانتقده الكثير من الأدباء ومنهم أحد أصدقائها الحميمين "ميرلو بونتي" الذي كتب في هجائه يقول: "كتاب يتسم بعدم اللياقة وبمخالفة الآداب العامة وبالوقاحة الصريحة"، واعتبره الحزب الشيوعي الفرنسي بأنه "إهانة للمرأة العاملة " فيما حرمته الكنيسة في روما، لكن سيمون دي بوفوار صمدت أمام جميع هذه الانتقادات لأنها صممت على خلق وعي ثقافي جديد في قضية المرأة، .

تتساءل بوفوار إذا كان تاريخ النساء من صنع الرجال، فهل يعني ذلك أن المرأة هي التي سمحت للرجل بأن يعتبرها جنساً آخر؟ أم أن المجتمع هو الذي حكم عليها لتكون جنسا آخر؟ تابعا خاضعاً للرجل؟ وهل اختارت أن تكون في قفص عوضا عن أن تكون طائرا طليقا؟ وتضيف : "إن المجتمع هو الذي ساهم في خلق الصورة النمطية للمرأة لتكون أنثى، خاضعة للرجل، صنعها المجتمع لتكون جنسا آخر، ألغى شخصيتها وطمس إنسانيتها، واعتبرها أنثى بالمفهوم المطلق جسدا كمتاع، حسب أهوائه، لا يمكن للإنسان العاقل أن يختار العيش في قفص، إلا إذا حكمت عليه ظروف الحياة أن يعيش مقيدا بالأغلال " .

بعد 36 عاما على رحيل سيمون دي بوفوار تغيرت معالم وملامح السياسة والعدالة في العالم اليوم على نحو لا يمكن لسيمون دي بوفوار تصديقه، السياسة الخارجية والداخلية والدفاع للكثير من دول العالم بيد النساء. اليوم تتقدم طالبات العراق الاحتجاجات ، معتمدات على وطنيتهن وثقافتهن، وسحر حضورهن الطاغي وبراءتهن المدهشة الممزوجة بإصرار على مواصلة النضال من أجل عراق يتساوى فيه الجميع بعيدا عن النظرة القاصرة للجنس والطائفة والمذهب، وأظن أن الدعوى لان تترك الطالبات التظاهرات دعوة يراد من ورائها ان نعود الى عصور الجاهلية والعمل على اجهاض مشروع الدولة المدنية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram