إياد الصالحي
عُدّ يوم العاشر من شباط 2020 يوماً مهمّاً في تأريخ كرة القدم العراقية وهو يغلق ملف اللجنة التنفيذية لاتحاد اللعبة إدارياً برسالة الأمين العام للاتحاد الدولي (الفيفا) فاطمة سامورا التي ثبّتَتْ رسمياً استقالة أعضاء اللجنة الجماعية ،
فيما ظلّ الملف القضائي مفتوحاً حتى تنتهي إجراءات استحصال موافقة رئيس الجمهورية على إصدار العفو الخاص بحق موظفي الاتحاد المحبوسين ، وبيان موقف رئيس الاتحاد ونائبه في قضية التلاعب بالنظام الداخلي ، ويبدو هو الآخر في طريقه للحسم بعد أن ربط الكابتن عدنان درجال قرار تنازله الشخصي عنهما حال وصول الرسالة الدولية.
كُتب على الكرة العراقية أن تتمرّغ سمعتها في وحل الشك للمرة الثانية أمام المؤسسة الدولية الأولى المسؤولة عن حماية كرة القدم من الفساد الإداري والمالي ، فبعد أن اصدرت محكمة التحكيم الرياضي الدولية (كاس) قرارها يوم الثامن عشر من تشرين الثاني عام 2013 – بعد سنتين من الانتظار- بإعادة انتخابات الاتحاد وعدم شرعية مؤتمره المنعقد يوم الثامن عشر من حزيران عام 2011 بسبب المخالفات التي ارتكبها رئيس الاتحاد السابق ناجح حمود ونائبه الأسبق عبد الخالق مسعود وعدد من الاعضاء الذين حصلوا على عضوية اللجنة التنفيذية وخرقهم للوائح النظام الداخلي بإضافة ثلاثة أندية للهيئة العامة في يوم الانتخاب ، ها هو الفيفا نفسه يقرّ بتشكيل هيئة تطبيع للاتحاد تدير شؤونه اليومية باستقلالية تامة في مدة اقصاها ستة أشهر ، ما يعني إخفاق من أوكلت اليهم مهمة المحافظة على أمانة اللعبة مرّتين وعلى يد الاشخاص انفسهم ممّن كرّسوا جهودهم للتشبّث بمقاعد الاتحاد في الدورات 2011 و2014 و2018 وأضاعوا سبعة أعوام ينحتون في صخر التطوير بفؤوس خشبية دون أن يفلحوا قط ، وكانت النتيجة فضيحة بدرجة تلاعب!
لم يزل أمام حاملي ملف اتحاد الكرة بهدف الإصلاح مسؤولية جسيمة في المرحلة المقبلة التي تشهد تحرّكاً ساخناً في الكواليس للفوز برئاسة هيئة التطبيع المستقلّة أو عضويتها مع أن الأمر موكل الى لجنة مشتركة بين الاتحادين الدولي والآسيوي بالتشاور مع أصحاب المصلحة المحليين للتوافق على تسمية الاشخاص المؤهلين ممّن لم يرتبطوا سابقاً بتحالفات غير نظيفة ، ولم يدعموا توجّهات ثبتَ فشلها وليس لديهم عُقد نفسية تجاه تغيير الدماء في إدارة اللعبة مستقبلاً ، لا مكان لهؤلاء إن تبيّن العكس ، مهما كانت خبرتهم ونزاهتهم وثقة الجمهور بهم ، فالأساس أن تمنح رئاسة التطبيع لمن يحترم واجباته ويرفض تركيع الهيئة العامة في نظام داخلي يحصّن ولاية رئيس الاتحاد من منافسين يمتلكون حق الترشيح.
ستة أشهر من الاختبار الحقيقي لمدى نجاح اللجنة التنفيذية المقبلة في ضوء برنامج عمل يعيد النظر في النظام الداخلي المطعون به أمام القضاء يستوعب جميع مكوّنات اللعبة المساهمين في أنشطتها دون المبالغة في أعدادهم ، فإزالة المخاوف من تكرار عمليات شراء الذِمم عشية الانتخابات - حسب تصريحات المتضرّرين - لن تتم بتوسِعة العمومية لاسيما أن النفس أمّارة بالسوء مهما اختلف الظرف وتشدّد الرقيب بضوابط التصويت.
العدالة تحمي منظومة اللعبة في كل مفاصل التغيير المرتقب وفقاً لمعايير مدروسة وملموسة ، فهناك عشرات المعترضين من ممثلي الاتحادات الفرعية همّشوا في اللجان التنفيذية الأربعة منذ عام 2003 ، ولدينا مدربين محبطين لعدم الاستعانة بهم في الاندية والمنتخبات تشكّوا من استقواء نزعة (التدريب بالترهيب) التي استحوذت على بعض العقود دون استحقاق ، وأضعاف أعداد هؤلاء من رموز اللعبة الذين يموتون كمداً وندماً على خدماتهم في أمرّ سنوات الشباب لتخلّي الاتحاد عنهم وتناسيهم وعدم تقديره أحوال شيخوختهم.
يقيناً وبلا مبالغة ، لن ينجح الاتحاد المولود من رحم الاصلاح ما لم يتم مواجهة المسؤولين عن قطاع الإعلام الرياضي بميثاق مُلزم في تبادل الاحترام بين مؤسستي الكرة والإعلام ، وعدم السماح للأشقياء المجرّدين من أبسط معايير المهنية أن يوغلوا في التخريب عبر التلفاز أو الصحف أو المواقع الإلكترونية ، وكذلك من المحسوبين على اتحاد الكرة أيضاً ، ليتم القضاء على الفِتَن والترّبص والتسقيط ، وإشاعة علاقات إيجابية بقواعد مصالح عامة تحرص على سمعة الوطن بشدّة مثل حرص مقدم البرنامج أو عضو الاتحاد على سمعته كمواطن أمين ألا يخون شرف الانتماء على ظهر حرية وقحة تنتهك كرامة أي إنسان من أبناء جلدته يعارض فكره أو لا يستجيب لابتزازه.
القضاء هو الوجهة الأطهر لاسترداد الحق الشخصي والعام ، ولنشرع بأخلاقنا المعهودة إلى تعزيز ثقة المؤسسات الدولية بكرتنا كي تستعيد رقمها الصعب عربياً وقارياً .. دعوها تخاصم (كاس) وتعانق الكؤوس.