علي حسين
هل أنتم سعداء لمشهد قتل الشباب في ساحة التحرير، وابتكار وسائل جديدة لقمعهم كان آخرها السم ، مثلما صفقتم وأنتم ترون الهجمة التي طالت المرأة العراقية لمجرد أنها شاركت إخوتها وأبناءها في دعم الاحتجاجات؟،
وأيضا لا تنس عزيزي النائب في كتلة سائرون أنك كنت منتشياً وأنت تسمع لصرخات شباب النجف وهم يواجهون بصدورهم الرصاص و"التواثي" والسكاكين؟ وتتابع بمنتهى الرضا ما قام به أنصارك وهم يهددون كل من يختلف معهم بأن "البطة" جاهزة.
للأسف، لستُ مستعدّاً لأشاطرك هذه المتعة والنشوة التي هبطت عليك فجأة، وأنت تخبرنا أن التظاهرات لم تعد مجدية، وأن على المتظاهرين أن يعودوا إلى بيوتهم، وتنسى أنّك كنت داعما للتظاهرات وجزءا منها وطالبت بأن يتم الاستعداد لاقتحام المنطقة الخضراء في أية لحظة.
لا تنسَ عزيزي النائب أنك كنت وما زلت مشاركا في الحكومة وجزءا لا يتجزأ منها، لكنك في الوقت نفسه تتظاهر وتعتصم وتناور على نظام سياسي، رسّخ وأسّس للمحاصصة الطائفية، وحاول بكل ما امتلك من قوة وسلطة أن يعزل المواطن العراقي عن المشهد السياسي، وأن يحوّله إلى مجرد متفرّج .
ولهذا ياعزيزي، أتمنّى عليك أن تسأل نفسك اليوم وليس غدا: هل قتل الشباب وتخوينهم ومطاردتهم بالسكاكين، ستؤسس لنا مدينة فاضلة، يتساوى فيها الجميع، شعارها الكفاءة وليس الولاء للمسؤول أو السياسي ؟
من الرابح في هذه الألاعيب السياسية، هل المواطن الذي يتعرض كل يوم لأنواع من الخديعة والسرقة والقتل على الهوية والظلم والإهانة والإقصاء، أم كتلة سائرون التي تعتقد أن مشكلة العراقيين اليوم هي بالاختلاط بين الشباب؟، من المستفيد؟ الأرملة العراقية التي تجلس في ساحة التحرير بانتظار أن يتحقق حلمها في العدالة الاجتماعية، أم أحزاب وقوى سياسية استولت على كل شيء في البلاد؟.
لماذا ندعو الناس إلى ترك ساحات الاحتجاج؟ هل من أجل أن نقول لهم إنه لاشيء سيتغير، وأن الوجوه التي عشتُم معها سبعة عشر عاماً باقية وتتمدّد؟، هل من أجل أن نجد مفهوما جديدا للديمقراطية يحولها إلى الاستهزاء بالشعب وتسخيف إرادته؟.
لم يحدث في تاريخ الأمم أن تم الإصرار على تغييب الدولة المدنية إلى هذه الدرجة. غيّبها الخطاب السياسي، والشعار الديني، وهوس هتافات "البطة". والمدنية التي كانت حلما، صارت تهمة وعيبا خلقيا لا يتلاءم مع دولة الفضيلة التي أصر عادل عبد المهدي على أن يبنيها لنا حتى ولو كان الثمن أكثر من 600 شهيد الآف الجرحى ، وامهات ثكلى وايتام .
أيها السادة في سائرون ومن جاورهم ، هذا الشعب يصر اليوم على أن يتمسك بحلمه بقوة، فهو طريقه الوحيد لكي ينجو من الغرق في رمال القوائم "العابرة للطائفية".