TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: يحلم بالعراقي

العمود الثامن: يحلم بالعراقي

نشر في: 16 فبراير, 2020: 09:27 م

 علي حسين

ينقسم العراق الجديد إلى قسمين: واحد يعشق الأحزاب ويهيم غراماً بزعمائها الذين انتفخت جيبوبهم وأرصدتهم بعد عام 2003، وآخر يعشق العراق ويرفض أن يُدجّن، ويحتقر الطائفية المهيمنة على مقدّرات البلاد.

وهناك بين هذا وذاك مَن يسمّى بالأغلبية الصامتة التي تذهب للانتخابات ليس حبّاً بفلان أو كرهاً لعلّان، لكنها تخاف على رزق أطفالها الذي يتحكم به "مجاهدو" العراق الجديد، الذين يتناسلون يوماً بعد آخر، في ألوان جديدة وطبعات أخيرة، ليس آخرها بالطبع عبد الكريم خلف الذي أخذ في الأشهر الأخيرة يصول ويجول بين الفضائيات، من دون أن يسأله أحد ماذا تريد؟ سيتّهمني البعض بـ"العبط"، فهل يجرؤ أحد مهما علا شأنه أن يسأل ببغاء الحكومة : من أنت وماذا تفعل ؟ سيُتّهم بالخيانة حتماً، وسيوضع اسمه على قائمة "أبناء السفارات" ويلصق به لقب "جوكر"، أليست أحزابنا العتيدة ومعها الحكومة الرشيدة، كانت قد قررت قبل سنوات وفي لحظة تاريخية مهمة أن صواريخ واثق البطاط وحدها يمكن أن تؤسس لعراق تعددي؟ وأن العناية بـ"بوتكس" عالية نصيف هي التي ستحمل السرور والحبور إلى هذه البلاد ؟!.

أعذروني فأنا في مرّات كثيرة لا أعرف ماذا أقول أو أكتب حين أقرأ أو أشاهد مواطنا عراقيا يعشق بلاده ويفضلها على عواصم الدنيا، هل أبكي على الوطنية العراقية التي أصبحت تهمة؟، أم أصمت من شدّة الكآبة والحزن؟، قبل أيام كنت أشاهد العراقي قحطان داوود خياط يتحدث من على إحدى القنوات الأوروبية عن العراق.. ولمن لا يعرف العم قحطان فهو واحد من أشهر أصحاب المطاعم في ألمانيا، غادر العراق قبل أكثر من نصف قرن بسبب الانقلابات الثورية، هناك عمل في شتى المهن غاسل صحون، عامل مطعم، ثم قرر أن يؤسس مطعمه الخاص به، ليقدم من خلاله الأكلات المتميزة ، من هم زبائن خياط؟ لا تندهش: المستشار الراحل هلموت كول الذي وحد ألمانيا ، العمة ميركل، عدد من رؤساء فرنسا وإيطاليا واميركا ، غورباتشوف، رؤساء وزارات ووزراء كلهم يعشقون ما يقدمه لهم من أكلات متنوعة، لكن ماذا يعشق خياط ؟، يقول لمحاورته إنه يكره السياسة التي دمرت العراق، وهو يرتبط بالعراق من خلال الأكلات التي يفضلها على الطعام الأوروبي.. البامية والدولمة والتشريب.. بعد أكثر من خمسين عاما من الاستقرار والثروة والعلاقات مع كبار المسؤولين، يبقى عند العم قحطان حلم كبير: أن يزور العراق.. وماذا بعد ياعمنا؟.. يقول لمحاورته: تصدقين؟ أنا أتكلم ألماني وإيطالي، لكنني في المنام أحلم بالعراقي فقط.. أحلامي باللهجة العراقية.. تخيل جنابك، البعض يعيش في العراق لكن أحلامه موزعة بين اللغة الفارسية والتركية واللهجة الخليجية.. فيما العم خياط يصر على أن الأحلام لا تكون أحلاما ما لم تكن بالعراقي.. وبالعراقي فقط. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. الحجيه. البصراويه

    السلام عليكم . مايحصل في العراق كشف لنا حقيقة ان العراقيين ينقسمون الى فءتين اصيله وهجينه الأصيل يبقى اصيل والهجين في تردي بعد يوم .

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram