TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أسبريسو: ابن الكذا!

أسبريسو: ابن الكذا!

نشر في: 19 فبراير, 2020: 08:37 م

 علي وجيه

النِّظام اللغويّ العربيّ، يُمعن بتحطيم المرأة، وذلّها، و"سحلها" على صفحات القواميس، النظامُ الذكوريّ هذا إن انطلق من أيّ مُنطلقٍ فإنّه يؤدي بالنهايةِ إلى المسّ بالمرأة بطريقةٍ من الطرق، ومن المفارقات كتب الناقد والأكاديمي د.حسن ناظم قبل فترة على صفحته في فيسبوك ("الحذاءُ الزوجةُ لأنها موطوءةٌ كالنَّعْل".

هذا ما جاء في معجم "تاج العروس" للزبيدي، وهو من أهمّ المعجمات العربية. إذا غضضنا الطرف عن طبيعة العقل في هذه الجملة، واكتفينا بظاهر اللغة، فـ"الملافظ سَعْد" كما يقول المصريون).

على العموم، بقيت المرأةُ في كل المنظومات في الشرق الأوسط، اللاهوتيّة خصوصاً، نجساً يجبُ التبرّؤ منه، فهي "شرٌّ لا بُدّ منه"، و"لا تطيعوهنَّ بالمعروف حتى لا يطمعن بالمنكر"، ثم إذلالُ الميراث، وإعلانات العزاء، وليس انتهاءً بـ"ذكر" يقول لك، وأنتَ في العام الـ 17 من الألفية الثالثة:

- تِكرمْ.. المَرَة..

ونحنُ أبناء هذا النظام اللغويّ القاسي، النظام الذي حوّل كينونة المرأة لكيس ملاكمة لفظيّ، حتى لتبدو المرأة تستخدمُ ذات النظام وتتماهى معه.

والأغرب من ذلك، هو ما يفعله الإسلاميون، فرغم اختلافهم بكلّ شيء، ابتداءً من الأحقيّة بالخلافة، وصولاً لدمجْ صلاتيْ المغرب والعشاء أو فصلهما، وصولاً بـ"الفرقة الناجية"، إلاّ أنهم يجتمعون على ترك "الورع" و"التقوى" وعدم الخوف من عقوبة "قذف المحصنات"، ليستمرأوا لوكَ الأمهات، خصوصاً أمّهات مناوئيهم!

المشكلة أنّ هذا النظام لم يكن ناتئاً عن "السيرة الشفويّة" لمجموعة المقدّسين، فكان آباؤنا وأجدادنا، الذين يستقرّون الآن فوق أنهار الخمر في الجنّة، المبشّرون بالجنة وغير المبشّرين، يتقاذفون بينهم بهتك الأعراض شِفاهياً، ابتداءً بـ"ابن اللخناء"، مروراً بـ"ابن نتنة الفرْج"، وليس انتهاءً بـ"ابن المتّكاء"، وللمزيد قراءة "موسوعة العذاب" لعبود الشالجي، بمجلّده الأول الذي اتخذ الشتيمة بوصفها أُسلوب تعذيب.

ليس لدى السنّي المتطرّف إلاّ أن يقول للشيعيّ "أبناء المتعة"، إشارةً منه إلى "زواج المتعة" الشائك لدى المذهب الشيعي، ولا يتوقف عنده، فالشيعةُ لديه، هم مَن أعطوا نساءهم للأمريكان، عام 2003، ولم يقاوموا "المحتل"، ومن المفارقات أن هذا المحتل هو الذي تُداعي به الطبقة السياسية السنيّة الآن!

ويأتي الشيعي المتطرّف، ولديه حمولةٌ عملاقة، مُستندة على أحاديث فيها جملة "لا يُبغضك إلاّ ابنُ زنا أو ابنُ حيض"، ورغم أن الأحاديث هذه تخاطب الإمام عليّ، لكنه يرحّلها إلى كلّ رجل دين، أو رمز أو خطّ أحمر يؤمن به، حتى يصل إلى مرحلة أن يرى كلّ مناوئيه أبناء زنا، أو أبناء حيض، بمشهدٍ يجعلك تتصور بغداد وكأنّها غابة من الأفخاذ المفتوحة لكلّ مَن هبّ ودب!

وممّا يُضحكني، أنّ هناك متصوّفاً عرفانياً بين ظهرانينا، ورغم أن العرفانيّ نحيف، إلاّ أنه أكثر بدانةً من العبد الفقير لله، ورغم أنه متصوّف، لكنه "اونلاين" في فيسبوك أكثر من آدمن صفحة "الخوّة النظيفة"، هذا "المتصوّف" يقفُ في باحة فيسبوك، ليوزّع شتائم الأمّهات كما يحلو له، نظراً لانتمائه للإخباريين، الذين يُجوِّز لهم خطّهم بالكذب على أعداء الله، واتهامهم بما ليس فيهم، بضميرٍ صاف.

يقوم هذا المتصوّف باتهام كلّ معارضٍ له، أو للطبقة السياسية الشيعية، بأنهم من "أبناء الرفيقات"، والرفيقات أي: المنتميات لحزب البعث في النظام الديكتاتوري البائد، ومن الواضح النسق المضمر للعبارة جنسياً.

تخيّل أنّ أمك، وهي تذهبُ لكربلاء أو النجف، لتزور الأئمة، وتدعو لك بالسلامة، يأتي متديّنٌ ما، سنيّ، ليصنع منها فتاة متعة، ثمّ يأتي الآخر، ليصنع منك ابنُ زنا، ويأتي الثالث ليصنع منها رفيقةً حزبيّة، وهي لا تعلم شيئاً عن الأمر، لأنها لا تملكُ حساب فيسبوك!

المضحك في الموضوع، أن أبناء "التقوى" و"المساجد" و"الأخلاق الحميدة للدين السمح"، يلوكون أعراض الآخرين، وأمّهاتهم، وأخواتهم، فيما يُفاجأ "العلمانيون الكفرة!" بمستوى الأخلاق هذا، خصوصاً وأنّهم لا يرفعون بوجه الإسلاميين شيئاً سوى كتاب "المغالطات المنطقية" الكفيل بحلق لحية كلّ متصوفي الجيوش الألكترونية!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: الخوف على الكرسي

العمودالثامن: ماذا يريد سعد المدرس؟

العمودالثامن: لماذا يطاردون رحيم أبو رغيف

العمودالثامن: قضاء .. وقدر

لماذا دعمت واشنطن انقلابات فاشية ضد مصدق وعبد الكريم قاسم؟

العمودالثامن: أين لائحة المحتوى الهابط؟

 علي حسين لم يتردد الشيخ أو يتلعثم وهو يقول بصوت عال وواضح " تعرفون أن معظم اللواتي شاركن في تظاهرات تشرين فاسدات " ثم نظر إلى الكاميرا وتوهم أن هناك جمهوراً يجلس أمامه...
علي حسين

كلاكيت: رحل ايرل جونز وبقي صوته!

 علاء المفرجي الجميع يتذكره باستحضار صوته الجهير المميز، الذي أضفى من خلاله القوة على جميع أدواره، وأستخدمه بشكل مبدع لـ "دارث فيدر" في فيلم "حرب النجوم"، و "موفاسا" في فيلم "الأسد الملك"، مثلما...
علاء المفرجي

الواردات غير النفطية… درعنا الستراتيجي

ثامر الهيمص نضع ايدينا على قلوبنا يوميا خوف يصل لحد الهلع، نتيجة مراقبتنا الدؤوبة لبورصة النفط، التي لا يحددها عرض وطلب اعتيادي، ولذلك ومن خلال اوبك بلص نستلم اشعارات السعر للبرميل والكمية المعدة للتصدير....
ثامر الهيمص

بالنُّفوذ.. تغدو قُلامَةُ الظِّفْر عنقاءَ!

رشيد الخيون يعيش أبناء الرّافدين، اللذان بدأ العد التّنازلي لجفافهما، عصرٍاً حالكاً، الجفاف ليس مِن الماء، إنما مِن كلِّ ما تعلق بنعمة الماء، ولهذه النعمة قيل في أهل العِراق: "هم أهل العقول الصّحيحة والشّهوات...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram