إياد الصالحي
النشأة الصالحة في الصغر تعلّم على مكارم الأخلاق ، وتنبذ السلوك المشين ، وتقود الإنسان باعتدال ليشقّ طريق حياته بأمان مهما بلغ من صعوبة ومخاطر ، طالما أنه يدرك ، مَنْ يزرع الخير يحصده ومن يسعى للشر بدهاء فأنه يخدع نفسه ولم يكن صادقاً معها ، وقالوا في هذا الموضع "الكذبُ يسقي بابَ كُلّ شرٍّ كما يسقي الماءُ أصولَ الشَّجرِ".
ولو محّصَ كل منا ملفات أزمات الرياضة العراقية بمختلف ضروبها لاكتشفنا أن الفاعل فتنة منسوبة إلى ذيول الشرّ استخدمت لمصلحة ما كرّست كل أدواتها غير الشرعية للنيل من المستهدف ، وسرعان ما تنتفي الحاجة للأدوات دون أن تستفيد بشيء من خدمات شرّها لتبقى في الركن الأسود من تاريخ أية أزمة توثقها الأيادي البيضاء وهي تنقّب عن الحقائق ما بعد زوال حُقبِها.
هل تساءلَ ذيول الفتنة مع أنفسهم : كيف تسوّل لهم أنفسهم التآمر ضد رأس الاتحاد ، أي اتحاد يمثل بمعناه الجمعي الوحدة الصغرى في كيان مُنتخب ، سواء هضمت الهيئة العامة وجود رئيسه أو نفرت منه ، فالجميع احتكم الى إرادة التصويت التي غالباً ما تدفع بشخصيات تواجه المعارضة في قاعة الانتخاب ، ومنهم من يتوعّد بتسقيطها قادحاً شرارة حقده كتعبير عن رفضه للممارسة الديمقراطية كونها شكلية ولم تأت بما يتمناه!
لكم أن تتصوّروا أن كل عضو جمعية عمومية أو مجموعة منها تتبعُ شخصاً وتظلّ تدافع عنه في الحق والباطل ، في السر والعلن ، كيف يدير الرئيس الفائز بيت اتحاده وهناك من يعدّ له الفخاخ والدسائس ، ويرمي عليه أحجار الاتهامات بدافع الانتقام لخسارة منافسيه في الانتخابات ؟ والأدهى أن كل هؤلاء ينتمون للبيت نفسه.
صِدقاً ، ليس كل ما يُنشر من مقابلات في صفحة رياضة المدى نتاج ترجمة حرفية لما أدلى به ضيوفنا وخاصة رؤساء الاتحادات ، نضطرُ كثيراً برغبة منهم للاطلاع وليس للنشر عمّا ضمره لهم بعض المحيطين بأعمالهم من خبثٍ وما ارتكبوه من حماقات للإطاحة بهم من خلال التنسيق مع اشباههم الأوفياء في الليل وأول الغادرين بهم مع طلوع الشمس بأقرب مكالمة مع الرئيس!
أية ثقة مفقودة هذه ترسم تأمّلات الابطال والبطلات لمستقبل يسع تحدياتهم ويمكّنهم من مواصلة تنافسهم نحو منصّات التتويج وقد أنهى أبناء الرياضة سبعة عشر عاماً من الضياع في معارك جانبية للاستحواذ عن مواقع لا تليق بأحجام غالبيتهم بعدما أعمت بصائرهم عواصف التخوين بالذمة المالية ولم تعد قلوبهم خضراء الانتماء لواحة الرياضة وسلامها الهانئ ، بات الكفوء عدوّهم الغاشم بسلاح علميته ، يهدّدهم باحتلال مقاعدهم في الاندية والاتحادات والأولمبية كونها اصبحت جزءاً من ممتلكات شخصية يدافعون عن وجودهم فيها بكل قوة متاحة مستفيدين من غياب قانون تحديد المدة التشريعية لرئيس واعضاء اللجنة التنفيذية المنتخبة وكأن مشرّع القانون الرياضي القديم والجديد يزكّيهم مدى الحياة.
بات التغيير في الملاكات العاملة ضمن المؤسسة الرياضية المسؤولة عن صناعة البطل والتخطيط للإنجاز (النادي والاتحاد) كأولوية قبل وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية ، بات مطلباً لا مهربَ منه إلا مَن أتخذ الموقع مصدراً للانتفاع وسنداً لطابو العلاقات وبناء مزيد من مشاريع شخصية لا علاقة لها بالميثاق الأولمبي الذي يبقى في آخر اهتمامات اللجان التنفيذية ولن يستذكره أحد إلا عندما تسلّط الدولة كاميرا المراقبة لكشف مستور هذه الزاوية أو تلك من بيوتات الرياضة.
الفرصة قائمة لتوفير مساحة واسعة من الشفافية في قانوني الأندية والاتحادات قبل صدورهما مطلع آذار المقبل ، ولا ضير في إعادة تنقيحهما وتضمين شروط مُحكَمَة تبعد ذوي النفوس الضعيفة من الاقتراب لأسوار الرياضة التي عانت طويلاً من سلوكياتهم المريضة وأفانين وعودهم وسطحية أفكارهم ، وآن الأوان لتأخذ الرياضة دورها الحقيقي للانطلاق مع الشباب نحو قمم المجد والتفوق بعد أن كبّل الكبار أزمانها بعُقدِهم البالية.