TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: عشيرة رئيس الوزراء

العمود الثامن: عشيرة رئيس الوزراء

نشر في: 29 فبراير, 2020: 10:03 م

 علي حسين

هناك نوع من التصريحات، تثير الاستغراب بقدر ما تثير الضحك، وغالباً ما تأتي هذه الكوميديا بأخبار من نوعية ما قاله رئيس السلطة التشريعية في العراق محمد الحلبوسي الذي أخبرنا وهو مبتسم أن محمد توفيق علاوي تنقصه العشيرة في العراق،

ولهذا لا يصلح رئيسا للوزراء، وقبل أن يتهمني البعض بالدفاع عن رئيس الوزراء المكلف ، أحيل جنابك إلى المقالات التي كتبتها وأبديت فيها رفضي لطريقة اختيار علاوي رئيسا للوزراء. والطريف أن اللقاء التلفزيوني الذي تحدث فيه محمد الحلبوسي انتهى بشعارات عن حب الوطن وابتسامات يقلبها المشاهد ذات اليمين وذات الشمال دون أن يحل لغزها،لأنها تقول "إن ما ينقص رئيس الوزراء المكلف ليس الكفاءة وإنما عشيرة تسانده". أحاديث وحوارات تلفزيونية ومتاهات ستظل تلاحق المواطن المسكين من الآن فصاعدا باعتبارها فصلا جديدا من كوميديا أوسع وأشمل اسمها "عشيرة رئيس الوزراء".

في كل لقاء تلفزيوني يصر السيد الحلبوس على أن يستعرض أناقته، في المقابل يمارس قصفا متواصلا على عقول المواطنين، بكل أنواع أسلحة حرف الحقائق، كي نستغرق معه في الحديث الصاخب عن دولة العشائر التي نحن بأمس الحاجة إليها وننسى أن واجب رئيس مجلس النواب هو تكريس الجهود لإصدار تشريعات وقوانين تحافظ على هوية الدولة المدنية وتأسيس دولة المواطنة، فيما نرى يوما بعد آخر أنه مصرّ على أن العراق لن يستقر ما لم يضع كل مسؤول اسم عشيرته مع اسمه. 

اعتقد العراقيون واهمين أن الخطر الأكبر الذي يواجه بلادهم هو الفساد المستشري في كل مؤسسات الدولة، والمحسوبية والانتهازية السياسية وغياب الكفاءات وسرقة المال العام، لكن الحلبوسي فاجأنا في حواره التلفزيوني بأن أخطر ما يواجه الناس هو غياب عشيرة علاوي، وهي نكتة ربما تكون ثقيلة على سمع العراقي المسكين الذي تيقن بالدليل القاطع أن البرلمان لا يزال سجينا لأمزجة مسؤولين يخلطون السياسة بالكوميديا منذ سنوات.

يجب أن نأخذ دائماً في الاعتبار الفارق بين الأمم التي نشأت على ثقافة المواطنة، وتلك التي تصر على أن المواطن لا قيمة له من دون شيخ عشيرة. الفارق بين الحكومات التي تُحترم فيها الكفاءات وبين حكومة "العشائر"، مثل الفارق بين مجتمع حر، منتج، يحرص فيه المسؤول على تحقيق العدالة الاجتماعية، وآخر لا يملك شيئاً سوى اللقاءات التلفزيونية وإشاعة قيم الانتهازية والخراب .

دائما أعود إلى العجوز مانديلا الذي لم يخرج في لقاء تلفزيوني ليتحدث عن الظلم الذي لحق به، بقدر ما نراه في كل إطلالة باسماً يشيع من حوله روح التسامح والمواطنة الحقة .

تزدهر الأمم بقادة يصرون على إشاعة روح التسامح ، بينما نغرق نحن مع ساسة "الفضائيات" الذين لم يتوقفوا لحظة واحدة عن بث النكات الساذجة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram