ضحى عبدالرؤوف المل 

تُثري الفنانة "عبير عربيد"(Abir Arbide) لوحاتها بالملاحم الانسانية ومصطلحاتها من خلالها الممارسات التعبيرية في الشكل البصري المثير،

والذي يتضمن عبارات تشكيلية دلالية ذات تصورات فنية تتوزع في كل الاتجاهات، ضمن مراحل بصرية مختلفة منها الدقيق ، ومنها الافتراضي المتخيل الذي يؤدي الى الربط التاريخي أو الاحداث التي تقبع في الذاكرة . ومنها السريع الذي يؤدي الى خلق صراعات بصرية تميل الى التجدد والانفتاح والتحرر واليقظة والخروج من التكرار الزمني العاصف بالانسان، وضمن شعارات جمالية تحمل في طياتها الحداثة والتجدد، إن ضمن معايير التعبير عن روح ملحمية تستمد من الفكر الانساني انتفاضتها التشكيلية ذات المحاكاة أو من التفاعل البصري المدروس الذي يؤدي الى التأمل والربط بين المتخيل والواقع، والملاحم التاريخية منذ القديم وحتى الآن. وبروحية تشكيلية تجمع بين الفلسفة الجمالية والمنطق التشكيلي، وعقلانية التطورات التاريخية التي تستند على الادراك وجدلية الوجود الانساني، والحفاظ على البقاء بعيداً عن الحروب والتشرد والهجرة ، وكل ما من شأنه أن يؤدي الى التمزق والفوضى والحروب. لتستهدي الريشة وتجعلنا نتأمل تفاصيل لوحات غارقة بالمخاوف والحروب، وبالأصوات اللونية الهادئة الممتزجة بحركة الخطوط السريعة التي تعج بالظواهر الملحمية التي نستنتج من خلالها تكرار الزمن والحدث في عدة امكنة . فهل من صراع في لوحاتها بين الفواتح والفواتح ؟ أم أن اختياراتها للالوان ينبثق عن الخلفيات الاجتماعية والسياسية التي تتجسد في اللوحات؟ 

تمثل لوحات الفنانة "عبير عربيد " الصراعات البصرية بين القديم والجديد في الفن التشكيلي الذي تترجم من خلاله مخاوفها كا نسان يميل الى السلام والجمال، والابتعاد عن الحروب والعشوائيات ، ضمن المنهج الفني الجدلي المتصل بالفن الملحمي وقوته في خلق هيمنة ناتجة عن ريشة تترجم الأفكار التي تنضوي على فكرة التشرد والألم والتمزق، والمخاوف من عدم الاستقرار، والجمع بين عدة نظريات جمالية في خربشات هي إشكاليات تستمد محتواها من المنطق الفني ونهجه، ومضمونه ضمن الاسلوب الشفاف وتناقضاته من حيث قوانينه الخاصة التي تلتزم بها "عبير عربيد "وكأنها تُظهر الماضي والحاضر وتطورات الحياة التي تتآكل من خلال الحروب والمساوىء الناتجة عنها ، بل كأن الألوان تتضارب مع بعضها البعض لتترجم كل ذلك وفق فن ملحمي لانهائي يفسح المجال لخلق تطورات بصرية ناتجة عن الربط وقوة الملاحظة، والدلالات التي تخالف بها التناقض الجدلي بين موضوعية الفن التشكيلي والاسلوب المؤمن بالصراعات والاضداد، والتأثيرات الناتجة عنهما فنياً . فهل من نمو حركي في لوحاتها الدياليكتيكية ومتغيراتها الحسية التي تستمد من المتخيل التصورات لافكار تتكرر ضمن الاحداث التي استخلصت منها لوحاتها . وهل الحرية في لوحاتها نابعة من الأفكار والمخاوف والتحديات في مواجهة التشرد والحفاظ على الاستقرار والبقاء؟ 

يتفاعل البصر مع الإشارات الفنية في لوحاتها المزدحمة بالأفكار والبصمات الملحمية المستحدثة جمالياً التي لا تقتصر على السرد اللوني وروحانيته ، بل على تشابك الخطوط ومعانيها التي تشير الى قوة المعاناة الانسانية ، وبكثافة تسمح بخلق عدة أساليب عشوائية في مسارها الفني ، ولكنها مدروسة في اتجاهاتها المضمونية كي تشير الى البنية الحياتية التي تتخوف منها ، والمرتبطة بالكائنات ورمزيتها التعبيرية لفك التشفير الذي تقصده أو تجعله يمثل حالة من الحوار الداخلي في لوحاتها التي تشكل نوعاً من التحليلات الصرية لازمنة يمر بها الانسان وفق تكرارات تجعله يخوض المراحل نفسها دون الاحساس بالنتائج نفسها، إن ضمن التطورات التي تتشكل عبر الخطوط الدقيقة والتفافاتها وقدرتها على ابراز تلقائية الريشة التي تميل الى رسم الهواجس بهذيان ملحمي متأصل في الخط واللون والتفاصيل الاخرى .