TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: عراق بين بيزنطة وفارس انتصار الإرادة آتٍ

قناطر: عراق بين بيزنطة وفارس انتصار الإرادة آتٍ

نشر في: 8 مارس, 2020: 07:00 م

 طالب عبد العزيز

هل لنا أن نقول بوجود عقلية استعمارية، تتناسخ في أجساد بعض أبناء الامبراطوريات التي كانت يوماً قد أخضعت شعوباً مجاورة لها، مع يقيننا بنهاية عصر الاستعمار والامبراطوريات والأنظمة التي لا تغيب عنها الشمس؟ نقول ذلك كلما قرأنا بعضاً من تصريحات الساسة الإيرانيين والأتراك، التي تتحدث بين الحين والآخر عن طموحها، بل و(حقها التاريخي) في ضم المدن والدول الى أراضيها.

قبل أيام كان الرئيس التركي- داعية الإخوان المسلمين الجديد- يتحدث عن ضم الموصل وكركوك ومدن أخرى في سوريا وربما في ليبيا، بوصفها مدناً كانت تحت راية الدولة العثمانية، ومثل الكلام السخيف هذا سمعناه من أحد قادة الحرس الثوري الايراني، وهو يرسم لطلابه حدوداً جديدةً لدولته، بقوله:" إن جمهرية ايران إنما تجاوزت حدودها الدولية المعلوم بها اليوم الى لبنان وسوريا والعراق والبحرين واليمن" ضاربين عرض الحائط إرادات الشعوب، والقوانين والأحكام الأممية، التي رسّمت بالاحمر الحدود لكل دولة، وأعطت للشعوب حقها في تقرير مصيرها واختيار حكوماتها.

ومع أن المنطق الأممي العام غير معني بتهديدات مثل هذه، وربما لا يحملها حكّام العراق المختلفون على محمل الجد لعمالة بعضهم، ولانشغالهم بحصصهم السياسية والدينية والطائفية، إلا أن العقلية الدكتاتورية التركية أو الإيرانية لا يمكن توقّيها في الأخير، وهذه طموحاتهم معلنة وواضحة . يا ترى هل نشهد زمنا استعمارياً جديداً، يتفكك فيه العراق، وتضيع خريطته، وتتناهب الدولتان الكبيرتان أراضيه وناسه ؟ مع يقيننا بأن البلاد ما زالت تئن تحت ظل نظام طائفي، خائر ومنقسم على نفسه سياسياً ومذهبياً وقومياً، وبما يسمح لكل أنواع التضييع، فهو لا يمتلك أبسط أدوات الدفاع عن وحدته، وقد تضاءلت أمام الشعب خيارات الحياة والمستقبل، بعد معاناة مريرة وخذلان حكومي قاساه في الداخل والخارج.

لكن، ومنذ فجر التاريخ والعراقي يمتلك شعوراً فطرياً بالقوة والعظمة، هناك نفسٌ لا تعرف القهر، غذتها ألواح الحقب التاريخية(السومرية والأكادية والبابلية والآشورية والاسلامية والعباسية) بكل مقومات القوة وموجبات العظمة ، حتى أن الأحزاب الوطنية والقومية استثمرت ذلك، وبما جعل الشخصية العراقية صلبةً، مقارعة، قادرةً على التصدي والبطش والانتصار، لذا، سيظل أي خور نكوص وعمالة أو أي إذلال تمارسه السلطة ضد الشعب يحمل في طياته روح الرفض ضدها، ومن ثم بذرة اليقين في سقوطها، وإذا كان العراقي اليوم يعاني من تكالب أنظمة الجوار وتحزُّ في ضميره الوطني خطب القادة هناك، فهو يزداد حنقاً وغيضاً وثورة وسينتصر على حاكميه في الوقت ذاته.

قد لا يرى الساسة العراقيون حقيقة الثورة التي تتضخم آلتها في الروح العراقية، جراء تجاوزات أنظمة الجوار وصمتهم وخذلانهم للشعب المحتسب، إلا أن حقيقة كهذه ستسهم اليوم أو في الغد بشكل فاعل في إسقاط طغمة الفساد والعمالة، التي لم تحسن التعامل مع شعب منتج لكل أنواع البطولة، قويٍّ وصلب وعنيد، شعب ظلَّ الأكثر وطنيةً بين شعوب المنطقة والأصدق انتماءً لأرضه وسمائه وتاريخه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram