طالب عبد العزيز
يتيح المُكث في البيت لنا أكثر من فرصة لمعاينة ما يجب فعله، لكن، المكوث الطويل بسبب مرض الكرونا أتاح لنا تعلم درساً آخر في ما يجب أن نفعله في الازمات،
وعلى الرغم من متانة الروابط الاجتماعية، التي تعتبر السمة العظيمة عند العراقيين، إلا أن الازمة كشفت لنا عن المعدن الحقيقي للكثير منا، وبصراحة، يمكننا ان نفخر بشعبنا، إذ بات من الواضح أثر الذين هبوا لمساعدة السلطات الصحية من الشباب، فضلاً عن تقبل الناس للنصائح التي يتفضل بها الاطباء المختصين عبر وسائل التواصل والتي أضافت وعياً ثقافيا صحياً مهماً لعموم الناس.
وعلى الرغم من عدم التزام الكثير منا بضوابط المكوث في البيت، وكثرة الخروقات التي يحدثها البعض في قضية منع التجوال، إلا أن وعياً واضحاً وثقافة صحية جديدةً تشكلت بشكل جلي، ساهمت في تحييد انتشار المرض، ولعل يقين الناس بان المؤسسات الصحية غير قادرة على استيعاب الاعداد الكبيرة من المصابين يضاعف من اهتمام الناس واعتمادها على نفسها، الامر الذي قاد الى منع وقوع الكارثة الوبائية، كالتي اجتاحت بعض الدول الاوربية، وهنا يحسب للعراقيين رجاحة وعيهم في التعامل مع الازمة، باعتمادهم على المتيسر من المطهرات والمعقمات، وبوضوح تام نقول لقد كانت لاستجابة الغالبية من الناس لتعليمات وزارة الصحة والمؤسسات الصحية السبب في تدني نسب الاصابة بالمرض.
ولا نريد أن نذهب في التفاؤل أبعد من هذا، ذلك لأنَّ الايام ما زالت حبلى بالمفاجآت، حيث أنَّ التقارير الصحية ما زالت تحذر من احتمالات انتشار المرض تبعاً لفترة حضانة الفايروس، التي قد تتجاوز الاسبوعين، كما أن وضع المؤسسات الصحية والبنى التحتية ما زالت قاصرة عن وبما لا يعتمد عليه، وهناك أكثر من مؤشر سلبي تفصح عنه الجهات الرسمية والاجتماعية، مثل سماح بعض منتسبي أجهزة الشرطة- ضعاف النفوس بخاصة- لأصحاب المركبات بالمرور والتنقل بين الضواحي والبلدات، مقابل دفعهم مبلغ 10 عشرة آلاف دينار. وهذا مما حدث ويحدث في مثل ظروف كهذه.
تعلم السلطات في البصرة بان عبورالايرانيين والعراقين عبر منفذ الشلامجة لم يعد متاحاً بعد غلق المنفذ بشكل رسمي، إلا انها غير قادرة على منع الخروقات التي تحدث في شط العرب، حيث يعبر الكثير منهم دونما أذون رسمية، فهم يستخدمون الزوراق التقليدية إذا ما علمنا بان الشط يضيق في بعض المناطق الى أقل من 500 متر، وهناك الكثير مما يجب الاخذ به من أجل سلامة الناس في الظرف الاستثنائي هذا، بلادنا وبحسب ما يقوله العامة هي بيد الله، والجارة إيران موطن معلن للفايروس، والاصابات هناك كثيرة جداً، لذا، أيقاف حركة التنقل غير الرسمية باتت أكثر من ضرورة.
لسنا معنيين بحرب الكبار، ولا قبل لنا بالكوارث، نحن شعب يعتمد في سلة غذائه على ما يستورد من هناك، وهناك المخاوف كلها، فيا سادتنا في الكراسي العالية رفقاً بنا، كونوا على قدر المسؤولية يرحمكم الله.