إياد الصالحي
منذ شهر ونيف ، شغل وباء كورونا العالم كله بأضراره الكبيرة ، مختطفاً أرواح آلاف البشر ، ومصيباً الملايين بحالات الذعر والقلق جرّاء الانتشار السريع له ، حابساً الجميع في منازلهم ، بانتظار معجزة طبية تنقذهم من تهديد الوباء ،
في وقت أغلقت جميع المؤسسات العاملة ومنها الرياضية أبوابها مُعلنة إيقاف انشطتها حتى إشعار آخر ربما يطول أمدهُ حتى يتم القضاء على الفيروس.
وفي أزمة صحيّة كهذه ، لم ينقطع وصل كبار مسؤولي الرياضة سواء في الاتحاد الدولي لكرة القدم أم اللجنة الأولمبية الدولية وهكذا بالنسبة للاتحادات الدولية والوطنية لجميع الألعاب ، ظلّوا على تواصل دائم في خلية أزمة رياضة تُناقِش وتقترِح وتُقرّر عن بُعد من خلال تقنية الفيديو جميع المسائل المهمة ذات العلاقة بمصير المسابقات وتعدّل بعض اللوائح ضمن أجنداتها المُعدّة من قبل أو الطارِئة ، شعوراً من أعضاء الخلية بأهمية المراجعة والتهيؤ لما بعد انجلاء الأزمة.
الاتحاد الدولي لكرة القدم على سبيل المثال ، برغم انسحاب مسؤوليه الى بيوتهم ، ظلّت مناقشاتهم مفتوحة إزاء قضايا مهمة مثل تعرّض الأندية الى الضرر الاقتصادي ، ويوشك الفيفا أن يصدر حزمة من القرارات لمساندة الأندية وذلك بتخفيض رواتب لاعبيها الى 50 % بشكل مؤقت حتى تتعافى أوضاعها ثم تعاد حقوقهم كاملة لاحقاً ، وكذلك تتضمّن القرارات تحديد نهاية موسم كل دوري محلي وفقاً لظروف الوباء في بلده ، وعدم إلغاء عقد أي لاعب ، وتمديد فترة الانتقالات المقبلة وكيفية تطبيق لائحة العقوبات وغيرها من الأمور التي تضع الأندية على المحكّ وتزيل الغموض عن طريقة التعامل مع واقع استثنائي فرضه الوباء العالمي.
ترى أين خلية الأزمة الرياضية في العراق؟ من غير المعقول أن يبقى أنفار من أصحاب القرار يواصلون الظهور في الإعلام ويُصدرون بيانتهم عبر مكاتبهم الإعلامية ويكتبون في حسابات التواصل الاجتماعي ، بينما الآخرين لا دور لهم ، وكأنهم غير معنيين بمصير الرياضيين ، ولم يُطلب منهم أحد بيان الإجراءات السارية ، وما تقتضيه واجباتهم في علاقاتهم مع الجميع ، أي عزلوا أنفسهم أسوة بالحجر الصحي للمصابين بكورونا!
في مثل هذه الظروف العصيبة كان لا بدّ من تشكيل خلية أزمة الرياضة من اسماء متنوّعة مُمثلة لجميع المؤسسات منها الوزارة والأولمبية والاتحادات والأندية بعيداً عن أية خلافات سابقة ، يتضافر الجميع من أجل تذليل المعوّقات التي تواجه الرياضيين والتفاعل معها والبحث عن مخارج قانونية بعد تجميد البطولات ، واستيضاح الموقف الصحي ، وما يفترض اتخاذه من قرارات ومبادرات تخفّف من محنة أبطال الرياضة وأسرهم وتضع كل ما متيّسر للوزارة والأولمبية في خدمتهم ، وعدم قبول استمرار الصمت والخمول والانعزال هرباً من المسؤولية في أخطر مرحلة تمرّ بها البلاد عبر تاريخها.
عندما تتعرّض المصالح الشخصية الإدارية والفنية والمالية للتهديد يُصدّع البعض رؤوسنا في جميع وسائل الإعلام ولن يتركوا فرصة واحدة إلا وظهروا مدافعين ومستقتلين عن آرائهم ليس حباً بالرياضة بل تأميناً لمنافعهم ، وهكذا يفعل غيرهم لتأجيج الفتنة وخلط الأوراق ، وكما يقول المثل العربي (ثار حابلهم على نابلهم) واضاعت رياضتنا عديد السنوات على هذا المنوال ، بينما اليوم كتموا حتى انفاسهم ولم ينطقوا بحرف وأبتعدوا عن الإعلام ولا تشغلهم سوى أنفسهم؟ نعم ، فمصلحة الرياضة هي من تُهدّد وعلى الرياضيين أن يحدّدوا مصيرهم وينفذوا أية مقترحات تديم العلاقة بينهم وبين مؤسساتهم تلزمها بتأدية بعض الواجبات عن بُعد الى حين يعاود الجميع العمل بصورة طبيعية بعد انتهاء فترة الحجر المنزلي.