تواصل المدى نشر الأعمدة الثقافية، والتي سبق وأن أرسلها الفنان الرائد الراحل سامي عبد الحميد إلى المدى، بغية النشر. والمدى إذ تنشر هذه الأعمدة تؤكد الحضور الثقافي الفاعل الذي كان يميز فناننا الكبير.
سامي عبد الحميد
ومعظم أساليب العرض المسرحي التقليدية في الشرق والغرب لا تؤكد كثيراً على أهمية السينوغرافيا ، إذ لا يستخدم الديكور المسرحي إلا نادراً في العروض التقليدية في أسيا وافريقيا وحتى في الشرق الأوسط. في حين ان هناك انواعاً من العروض في المسرح الصيني والمسرح الياباني والمسرح الهندي تستخدم أساليب منظرية مركبة نسبياً. ولا يتم التأكيد على المناظر في تلك التقاليد كما في المسرح الأوروبي حتى المرحلة الحديثة المبكرة باستثناء مسرح كابوكي الياباني . وعلى سبيل المثال فأن مسرح (نو) الياباني مثير بصرياً ولكنه يستخدم مسرحاً مزيناً متناثراً، فالمسرح نفسه عبارة عن منصة مصنوعة من خشب السرو المصقول بحجم ستة أمتار مربعة وترتفع عن الأرض بمتر واحد وذاك المسرح مفتوح من ثلاثة جوانب ومغطى بسقف خشبي تسنده أربعة أعمدة، وترسم على الجدار الخلفي شجرة صنوبر وهناك جسر يمتد الى يسار المسرح ويقود الى فتحة باب تغلقها سترة.. ويقود الجسر الى غرف تبديل الملابس وهو مدخل ومخرج الشخصيات الرئيسية. ويزين الجسر بثلاث أشجار صغيرة. وفي بداية العرض المسرحي يدخل ثلاثة موسيقيين عبر الجسر ويجلسون في الموقع الخلفي للمسرح ويكونون مكشوفين للجمهور وتستخدم اكسسوارات مسرحية بسيطة مثل عصي الخيزران والقماش الملون لتمثيل العربات والقوارب والمنازل والعناصر المنظرية الأخرى وفيما عدا ذلك ليس هناك من ملحقات منظرية على الأطلاق.
المنظر في مسرح (كابوكي) يقف بالضد من مسرح (نو) وإن كان العرض يتم على خشبة مسرح (نو) ولكن في نهاية القرن السابع عشر تم توسيع الجسر وأضيفت ستارة تغطي منطقة التمثيل وتستخدم أرضية للرقص أحياناً اما ماسمي (المانايجي) فقد تم تصميمه بين عامي 1724و1735 وهو ممر بعرض متر ونصف ويبدأ من يمين المسرح ويمتد عبر الجمهور الى خلفية صالة جلوس الجمهور واستخدم للدخول وللخروج كإمتداد لخشبة المسرح الاصلية وقد يستخدم القماش الملون الذي يغطي الأرضية ليمثل مناظر محدده ، فاللون الأزرق يمثل الماء، والرمادي يمثل الأرض، والأبيض يمثلها لصقيع وفي أوقات أخرى أصبحت المناظر المسرحية اكثر إيهامية، فقد يحتوي نصف المسرح منظراً داخلياً لمنزل بأبوابه واثاثه والنصف الثاني يحتوي ما يمثل الحديقة أو برية وفيها أشجار او صخور وهناك ستارة خلفية تمثل الأفق وحوالي ستينيات القرن الثامن عشر واستجابة لتأثيرات فن الرسم الغربي بدأ السينوغراف مسرح الكابوكي الياباني يصمم مناظر المنازل المرسومة ذات البعدين والتي تدهم بالبعد الثالث– العمق لم تكن تقنية تبديل المناظر بسرعة أكثر بساطة وأكثر تأثيراً من اسدال الستارة الامامية فجأة وخصوصاً الستارة السوداء اللون.
ويؤرخ (أرسطو) أصل السينوغرافيا مع ظهور مسرحيات سوفوكليس ولكن هناك كتابات من القرن الأول قبل الميلاد تذكر بأن (اغاثا رغوس) من منطقة (ساموس) كان أول سينوغراف في تاريخ المسرح وأدعى بأنه رسم مناظر لاسخيلوس . وكانت تقع احداث معظم التراجيديات في موقع واحد وقد يحدث تغيّر في المواقع في الكوميديات . وإذا كان الأغريق قد طوروا السينوغرافيا الإيهامية فإنهم ايضاً طوروا وسائل لتغير المناظر ايضاً في العرض المسرحي . وثم إستخدام واسطتين لذلك الغرض . الأولى ما سمي (بيناكس) وهي الواح مرسومة (أشبه بالمسطحات الحديثة) والثانية ما سمي (بيراكتوي) وهي عبارة عن مخروط ثلاثي يمكن دورانه لتغير المناظر .