عدوية الهلالي
مع كل أزمة جديدة تعصف بالعراق ، يكون المواطن الفقير هو الضحية ، ومع أن بلد الثروات النفطية انحدر الى خط الفقر وربما تحته بعد أن انهكته الأزمات المتعاقبة ،
فلايمكن أن نعتبره من البلدان الفقيرة إذ " لايوجد شيء اسمه بلد فقير ، بل يوجد فقط نظام فاشل في إدارة موارد البلد " كما يقول المفكر الاميركي نعوم تشومسكي ..وهكذا نكتشف ببساطة أن بلدنا سيظل ينتج مواطنين فقراء مادام الله قد ابتلاه بأنظمة فاشلة لم تفشل فقط في إدارة موارد البلد بل نجحت بامتياز في تبديدها ..
جميعنا يعلم أن الأزمات تحتاج الى قوة في مواجهتها ، وعندما تكون الأزمة كارثية كالحرب أو الحصار الاقتصادي أو الوباء الذي اجتاح العالم مؤخراً ، فلابد أن تكون للبلد قوة سياسية واقتصادية واجتماعية ليتمكن من مواجهة الأزمة .كيف يكون الحال إذن ، إذا كانت الحكومة متهالكة ومشتتة وليس لها ملامح واضحة والاقتصاد منهار الى درجة اعتماد العراق على الاستيراد بشدة بعد أن كان بلداً مصدراً للعديد من الموارد والمجتمع يحتاج الى جرعات كبيرة من الوعي ليتخلص من الجهل والتخلف والتبعية المطلقة وليحظى بحياة كريمة ، وهل سنتوقع الكثير من قادة ضعفاء لايملكون الفطنة والصرامة والحزم في مواجهة الأزمات والمحن بشجاعة وإقدام ؟...
نعود الى المواطن الفقير الذي يظل ضحية أبدية لكل أنواع الأزمات ، فهو لايريد أن يعترف بما لوباء فايروس كورونا من خطورة على حياته ولايفكر في اقتناء كمامات وكفوف ومعقمات بقدر تفكيره في وسيلة يطعم بها أسرته ، وعندما تعمل خلية إدارة الأزمة على إخضاعه لحظر تجوال كما يحدث في مختلف البلدان حماية لحياته ولأسرته ، سيظل يفكر في كيفية إدارة أزمته الخاصة بعد أن فقد مصدر رزقه اليومي وانزوى في منزله وحيداً بلا معين إلا من تبرعات وإعانات من جهات تفعل الخير سراً أو علناً وقد تصل اليه أو لاتصل فالفقراء في بلدي أكثر بكثيرمما يمكن أن تطاله أيدي الكرماء ..
الأزمة إذن تحتاج الى صمود الشعب للتغلب عليها ، وصمود الشعب يحتاج الى امتلاكه إمكانيات كافية تساعده على المواصلة وإلا تصبح مواجهة المرض أبسط بكثير من مواجهة الفقر لأن المريض لابد وأن يجد سريراً في مستشفى لمعالجته لكن الفقير لن يحصل على رغيف خبزه اليومي إذا ماطالت فترة مكوثه في المنزل ..كان لابد للحكومة أن تكون مستعدة إذن لمواجهة أزمات عالمية مثل وباء كورونا بتوفير ضمان معيشي لأفراد الشعب لكنها وحتى هذه اللحظة لازالت تتناحر على المناصب وتكافح من أجل ضمان حصصها الطائفية والحزبية ، كما أن الشعب فقد ضماناته في الحصول على وظيفة أو سكن أو فرصة عمل منذ أن وضع ثقته في حفنة من السياسيين الداعين الى تطبيق الديمقراطية ، لكنه اكتشف أنه قدم لهم الكثير بانتخابه ووولائه لهم ولم يقدموا له سوى الحرمان من أبسط حقوقه ولازال ينتظر الفرج ليس من أزمة الكورونا فقط فهي كارثة عامة ولابد أن يكون لها نهاية ، ولكن من أزمة الحكومة العراقية التي تفتقر الى وضوح الملامح والذمم ..