علي حسين
مثل أي متفرج أتابع المسلسلات التلفزيونية ، وكنت شغوفاً بأعمال الراحل أسامة أنور عكاشة ، وما زلت اتذكر مسلسله الكوميدي " في المشمش " وهي العبارة المأخوذة من مثل شعبي ، فنحن في العراق نقول لمن يعطي مواعيد كاذبة " بالمشمش " ،
ومن متابعاتي اليومية ، للدراما السياسية في العراق والتي يصر أصحابها أن تبقى كوميدية طوال الوقت ، لاحظت أن معظم أبطال هذه الدراما يرفعون شعار كلام الليل يمحوه النهار ، فبعد أن طالبنا السيد نائب رئيس البرلمان حسن الكعبي بان نلتزم بقرار حظر التجوال وطلب من الجهات المختصة محاسبة الذين يستخفون بالحظر ، نشاهده وهو يحط الرحال في مدينة النجف ليحضر مجلس فاتحة أقامه المحافظ لأحد أقاربه .. إذن كسر الحظر على المسؤول يأتي ضمن شعار " بالمشمش " . لا يعرف ساستنا من وباء " كورونا " سوى إصدار الأوامر والتوجيهات والتكتيم والتعتيم على ما يجري من خراب ، تخيل جنابك أن قادة الكتل لا يجتمعون من أجل دعم البلاد وهي تواجه وباءً كارثياً ، لكنهم يسهرون حتى الصبح من أجل أن لايجلس على كرسي رئاسة الوزراء شخص لا يتلقى الأوامر منهم ، وكأنهم وجدوا في " كورونا " فرصة لمصادرة حق الناس في ان تقول كلمتها.
لا يزال المشاهد يضحك لـبعض المسلسلات الكوميدية حتى اليوم؟ ولا تزال " خالتي قماشة " تثير سخريتنا حتى قبل أن تنطق الممثلة الكويتية حياة الفهد بجملتها العنصرية التي طالبت فيها طرد المقيمين من بلدها، ورميهم في الصحراء .
خالتي قماشة التي اضحكتنا في بداية الثمانينيات عندما زرعت كات تتجسس بالصوت والصورة على زوجات أبنائها ، نجدها اليوم تعتبر كل غريب مصدرا الشرور ، ربما يقول البعض يارجل ! ، لماذا لاتتحدث عن سلوك مسؤولينا الذين يعتبرون الشعب باكمله غريبا ، وليس من حقه التدخل في اختيار شكل الحكومة التي تقود البلاد .
كنت ياسادة اتصور ان الوباء سيجعل من مسؤولينا وساستنا أكثر إنسانية، غير أن الكثير منهم على استعداد لحرق البلاد ، من اجل تقاسم الكعكة . من حيث المبدأ، لا مصادرة على حق أي تيار سياسي في أن يسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية وليست ماليه او انتهازية ، ولكن ليس من حقه أن يستثمر انشغال العراقيين بمصيبة " كورونا " فيفرض عليهم قرارات منتصف الليل ، لان مثل هذا الامر يثبت بالدليل القاطع إن رؤساء بعض الكتل السياسية يخوضون معركتهم على طريقة " خالتي قماشة " ، بحيث يصبح جل همهم أن يقولوا للعالم نحن هنا ، سواء بالخطابات او بالصواريخ .