عامر القيسي
لايدهشني حقا سقوط الكثير من مثقفينا واعلاميينا بوحول سلطة الفشل التي قادت العراق الى كل هذا الخراب مراكمة اياه فوق خراب الحكم الصدامي .
لايدهشني اشتغال ماكنتهم واقلامهم في مساحة تسقيط انتفاضة اكتوبر وتخوينها وتحميلها ماحدث وما سيحدث، وهو اشتغال شمل الافراد والشعارات والاخطاء والفوضى في بعض من زمنها ، فلا يعجبهم مثلا شعار نريد وطن ، لان الثوار لايعرفون معنى الوطن واي وطن يريدون !!
وحدهم هؤلاء البوّاقون يعرفون الوطن !
لايدهشني ضجرهم من شعار " نازل آخذ حقي " لأنه شعار هو الآخر غير مفهوم وهلامي ومندس وبعثي وكوروني ومنتج في مطابخ المؤامرة العالمية على سلطة المدينة الفاضلة في هذا العراق ..
لايدهشني مطلبهم بان يحدد الثائر طريقة تحقيق شعاره هذا، وكأن هتاف الثوار لم يصم آذاناهم " سلميّة ..سلميّة "..!!
كما لايدهشني توجيه سهامهم لهتاف " باسم الدين باكونه الحراميه " !!
الذي يدهشني هذا السقوط المريع وغير الاخلاقي في الاصطفاف بخندق اللصوص والقتلة متمثلين بالاحزاب الحاكمة والطبقة السياسية الرثة التي قادت وتقود البلاد الى كل هذا الخراب ، وهو الخراب الذي شمل هذه الاصوات النابحة ، التي بعضها انتقل بقدرة قادر من اقصى اليسار الى اقصى اليمين ..
لن ادخل في تصنيفات من هذا النوع ، لكن يؤلمني حقاً ان اراهم يتهاوون الى قعر الابتذال السياسي ، وانا حتى لحظة مواقفهم السيئة من الانتفاضة الشعبية كنت أكن لهم بعض الاحترام الذي اصبح الآن جزءاً من الماضي القريب !
لست معنياً بالاسماء ، فانا اتحدث عن ظاهرة ليست جديدة على المشهدين الثقافي والاعلامي في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة حتى زمن اللادولة هذا ، انها اشكالية تتمدد زمنياً بين تقليديتها وتجددها الدائمين !
لايسعني أن اقدم اجابات عن تسؤلات هذا المشهد ، فالواقع يجيب ويلقم تلك الافواه بحجارة هذا الوطن الذي يتساءلون عن معناه وفحواه وشكل خارطته !
أشفق على خيانة البعض منهم لتأريخ محترم كان الاجدر بهم ان يحافظوا عليه ويضيفوا له رصيداً مهماً بالوقوف الى جانب أولئك الصبية الشجعان الذين تضرجوا برصاص قنّاصة السلطة والطرف الثالث ومسيلات مكافحة الشعب ، وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة تدق (الجواهري) فدقوها بكل قوة وعنفوان تاركين تسفيط الكلام لخونة الكلام نفسه !
اشفق عن ما سيقولونه بعد ان تنجلي هذه الغمّة ويقول التأريخ قولته ، التي قالها دائما في انتفاضات الشعوب للانعتاق من قيود الاستبداد ، قتلاً وخطفاً وتسقيطاً !
أشفق عليهم وهم يركبون رؤوسهم أو يدفنوها في وحل السلطة التي طالما اعترفت بفشلها ولصوصيتها وقتلها لشبيبة البلاد ، غالقين آخر منافذ طريق الاعتذار والعودة الى سبيل السواء لساحات التحرير الخالية من كورونا السلطة الا بمندسيها ومروجيها و " الخائفين " على الشعب من امتداداتها ، جزاهم الله خير الجزاء !