TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: كورونا في زمن الصواريخ

العمود الثامن: كورونا في زمن الصواريخ

نشر في: 7 إبريل, 2020: 08:47 م

 علي حسين

من المعتاد أن الكوارث والأزمات تخرج أفضل ما في الإنسان حين تدفعه للتضامن مع غيره والتخلي عن أنانيته، وتدفعه للتضامن حتى مع الذين يختلف معهم أو يناصبهم العداء،

ففي بريطانيا قدم رئيس حزب العمال المعارض كير ستارمر درسا في الإنسانية حين كتب رسالة على حسابه الخاص في تويتر بعد نقل رئيس الوزراء بوريس جونسون إلى العناية المركزة: "أخبار حزينة بشكل رهيب. كل البلاد تقف مع رئيس الوزراء خلال هذا الوقت الصعب للغاية.. إستمر في القتال يا بوريس.. كلنا خلفك". لكن الكوارث في الوقت نفسه تشكل فرصة ذهبية لهواة حكومة الكتلة الأكبر للتربح من يانصيب المناصب، فقد كانت الناس في هذه البلاد المنكوبة بجهل الساسة تنتظر تعاطفا مع الضحايا وعوائلهم، فإذا بالقادة "الكبار" يسهرون الليالي من أجل أن لا تتشكل حكومة جديدة ، وأن يبقى عادل عبد المهدي جالسا على أنفاس العراقيين بعد أن حقق الرقم القياسي في عدد ضحايا الاحتجاجات.

في كل يوم نحن أمام مشهد شديد التناقض وموغل في السخرية، جهات مسلحة تطلق صواريخ بكل الاتجاهات ، في الوقت نفسه تقوم هذه الجهات بنشر بيانات تشرح فيها مواصفات وقياسات رئيس الوزراء الذي تريده، وبدلا من أن يطالب مجلس النواب بإجابات شافية على سؤال محيّر: كيف استطاعت هذه الصواريخ أن تتنقّل في البصرة ومدن أخرى، بكل خفّة ورشاقة، والطريق مزروعة بمئات السيطرت؟ نراهم يهرولون صوب الفضائيات يطلقون خطابات تطغى عليها لغة المنافع، ويُسخِّر أصحابها أنفسهم للدفاع عن الخراب، مدَّعين أنهم بذلك يُنقذون العراق. 

تنتظر الناس رداً من القوى السياسية بِشأن عدم تنفيذ وعودها في الإصلاح، فيخرج عليهم من يقول لماذا لا يجرب السيد عادل عبد المهدي حظه في سنوات جديدة؟، ومثل ملايين العراقيين لا أملك أن أمنع أي سياسي من أن يتربع على كرسي الحكم ما دامت الصواريخ تتجول بحريتها في بلاد الرافدين. 

لقد توهمنا أن التغيير سيجعل الحرية حق والأمان حق، وحب الحياة حق، فإذا نحن أمام ساسة حولوا الحق إلى ضلالة والحياة إلى جحيم يكتوي بناره معظم العراقيين. كنت أتمنى لو سأل السيد عبد المهدي نفسه ما الذي تحقق في سنته الاولى ؟ بعد تسع سبعة عشر عاما من التغيير استيقظنا على مسؤولين وسياسيين، جاءوا باسم المحرومين والمظلومين وتحولوا إلى أغنى طبقات المجتمع، صدعوا رؤوسنا بخطب عن دولة القانون فيما هم يهرّبون أموال الشعب، دمروا الحياة السياسية وأقاموا بديلا عنها تجمعات شعارها المحسوبية والانتهازية. السادة الذين يتغنون بمحاسن عبد المهدي ، الناس تريد أن تعرف ماذا قدمتم لهم في زمن كورونا وانتم تهتفون : عادل عبد المهدي من جديد ولتضربوا رؤوسكم في"الحائط".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram