TOP

جريدة المدى > عام > رفعة الجادرجي.. وداعاً!

رفعة الجادرجي.. وداعاً!

نشر في: 11 إبريل, 2020: 05:34 م

سهيل سامي

لمرتين اثنين كتبت عن رفعة الجادرجي بطريقة نقدية لا تخلو من قسوة وغضب . في المرة الأولى تناولت مشروعه في تصميم العلم العراقي ،

وفي المرة الثانية تناولت مشروع إعادة نصب الجندي المجهول الذي أزاله النظام السابق . في المرتين كانت الدوافع السياسية – الثقافية تعمل قبل الفنية والجمالية ، ليس لرغبة مني، ولا لمنهج اخترته ، بل بسبب الوضعية التاريخية التي كانت تعمل ضد الأفكار الأساسية لكلينا : أنا ورفعة الجادرجي !

إذ أشرك رفعة الجادرجي معي فلأني أعرف أفقه المستنير الواسع الذي ما كان يقبل ما يحدث في بلده . وكنت على أية حال أقرب منه إلى ما كان يجري فيه من مآسٍ ، ومعرفة بالاتجاهات التي يذهب بها مدفوعاً بانقسام سياسي طائفي .

لست بصدد الدفاع عن نقدي ذاك . بل إنني إزاء ما أحبه من أعمال الجادرجي ، وما أعرف عن ثقافته الفذة ، لا أرى في المشاريع المنتقدة من قبلي ، ونقدي نفسه ، سوى لحظة عابرة في تاريخ مليء بالانجازات المعمارية والثقافية التي تشكل فخرنا الوطني.

أنا أحد المعجبين بأعمل رفعة الجادرجي المعمارية ، بل المحبين ، وأمتلك تذكارات شخصية عنها ، وأراها ، أحد المعالم الثقافية والفنية المثيرة في الحياة العراقية . ولأنني معني بالفن التشكيلي العراقي ، وجدت أن رفعة الجادرجي هو النظير الفكري والثقافي لجدلية جواد ىسليم وجماعته البغدادية ، وبسبب ثقافياته المركبة كان الأكثر تعبيراً عن هذه الجدلية التي تجمع ما بين الحداثة والتعابير المحلية ، وتفاعلهما معاً ، وظهور تجريبية منتجة منهما ، قدّمت اقتراحات وحلولاً جمالية مثيرة .

أعتقد أن كلاً من جواد سليم ورفعة الجادرجي فكّرا منفصلين ، وكلُ واحد على طريقته ، وتبعاً لطبيعة عملهما والمواد المستخدمة ، بإقامة منشأة ثقافية وفنية بغدادية أو عراقية . وأرى أن الاثنين اعتقدا ،عن وعي ودراسة ، وتقديم أمثلة ، بوجود طراز بغدادي أو عراقي جميل ، فيه موحيات وتعابير هائلة ، قابل للوصف ، قابل للتطوير ، وقادر على توليد عناصر ثقافية وفنية إذا ما درسناه بطريقة حداثوية .

الاثنان بررا هذا المشروع ، أو جسداه ، بأعمال موحية . أفكر هنا بعمارة انحصار التبغ في باب المعظم ،التي هي مشهد عريض مصغّر لمدينة أحلام تتكاثر فيه المداخل المقوّسة حتى لا نعرف أين هو المدخل ، ومسجد الكوفة لجواد سليم الكلي التجريد الذي تجتمع فيه الأقوس والأهلّة والأشكال الرمزية كأنها مجمع كبير للقياسات الخاصة بمدينة أحلامه .

ستبقى ذكرى الجادرجي عطرة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي

كلمة في أنطون تشيخوف بمناسبة مرور 165 عاما على ميلاده

مقالات ذات صلة

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا
عام

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا

ديفيد سبيغنهولتر*ترجمة: لطفية الدليميقريباً من منتصف نهار التاسع عشر من آب (أغسطس) عام 1949، وفي محيط من الضباب الكثيف، عندما كانت طائرة من طراز DC-3 العائدة لشركة الخطوط الجوية البريطانية في طريقها من بلفاست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram