TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من تظن نفسك؟

العمود الثامن: من تظن نفسك؟

نشر في: 12 إبريل, 2020: 08:50 م

 علي حسين

منذ سنوات وأنا أقرأ كلّ ما يقع بين يدي من كتب عن اليابان، وأدهشني الأدب الياباني من كواباتا وجميلاته النائمات مروراً بكنزابورو أوي وميشيما واعترافاته، وانتهاءً بأشيغورا وموراكامي، وكنت مثل كثيرين أعتقد أنّ اليابان حصلت على جائزة نوبل للآداب فقط، فإذا بها حصدت منذ عام 1949 وحتى العام الماضي على اكثر من 30 جائزة توزعت في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب، شعب يكتب بحروف عجيبة، لكنه يقدّم لنا كلّ ما يسهّل علينا الحياة.

بعد أن خسرت اليابان الحرب عام 1945 قرّر الشعب المهزوم والجائع أن يعيد بناء المصانع والبيوت والشوارع، وكان شعاره"العمل حتى الموت"، اليوم الحكومة اليابانية تواجه مشكلة باقناع المواطنين بأن يتوقفوا عن العمل بسبب فايروس كورونا، حيث أثار رئيس الوزراء الياباني ، ردود فعل غاضبة من قبل مستخدمي تويتر بعد نشره فيديو "خليك في البيت"، وانتشر وسم "من تظن نفسك؟" بعد أن نشر رئيس الوزراء مقطع فيديو، يظهر فيه وهو جالس على أريكة يحتسي الشاي ويقرأ، مرفقا التغريدة برسالة تناشد الناس البقاء في منازلهم. وقال اليابانيون إن رسالة رئيس الوزراء تجاهلت معاناة من يكافحون لكسب العيش خلال تفشي وباء فيروس كورونا. نحن ياسيدي لا نزال نشاهد المسؤول العراقي يظهر بكل ترفه وهو يوصينا بالحذر.. بعد 17 عاما من الديمقراطية وصواريخ منتصف الليل تبين أن هناك أكثر من عشرة ملايين عراقي تحت خط الفقر.. تخيل جنابك بلاد ربحت من النفط خلال عشرة أعوام أكثر من تريليون دولار، تقرر حكومتها توزيع ألف دينار لكل مواطن فقير ربما تكفيه لشراء كيس صغير من الخبز.. 10 ملايين مواطن يعيشون بلا راتب ولا معونة حسب إحصائيات وزارة التخطيط ، وبعد كل ذلك يخرج علينا همام حمودي ليطالبنا بأن نشكر النعمة التي نعيش فيها بفضل الساسة "المؤمنين". 

هناك دول تنهض من ركام العدم لتصبح أغنى الاقتصاديات وتتفوق في الرفاهية والعدالة الاجتماعية، ودول تتحول إلى مخيمات للاجئين والمشردين، وأرقام سعيدة للعطل التي ترى فيها الحكومة أنها ستبهج الشعب الذي يعاني أيضا من شعار"البطالة حتى الموت". تقول أرقامنا السعيدة إنّ نسبة البطالة بين الشباب تجاوزت الـ 40 بالمئة.

يبتسم الأديب الياباني هوراكي موراكامي حين تسأله صحيفة نيويورك تايمز عن مغزى رواياته قائلاً: "أنا أحذّر من مجتمع لا قيمة فيه للعمل المخلص "، نحن ياسيدي لا نزال ننتظر الأوامر التي تصدر عن الغرف المغلقة والتي يطلب أصحابها كلّ صباح المشورة من طهران، والتعليمات من أردوغان، أما المواطن الفقير فستوّزع عليه الحكومة مشكورة ألف دينار مع كتاب وصايا الفيلسوف إبراهيم الجعفري.

يكتب ألبير كامو في واحدة من أعمق مقالاته عن الطغيان : "ينشأ الخراب من الجهل في أحوال الناس " .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram