ترجمة / أحمد فاضل
" ينتشر الطاعون والناس يموتون ، كل شخص أُمر بالحجر الصحي في المنزل حيث يعمل الطبيب المحلي على مدار الساعة لإنقاذ الضحايا
، هناك أعمال البطولة ، وهناك أفعال العار ، هناك أولئك الذين يفكرون في أنفسهم فقط ، وأولئك الذين يعملون من أجل الصالح العام ، إن حالة الإنسان في وقت البلاء عبثية وغير مستقرة " ، هذا ما رواه ألبير كامو في روايته " الطاعون " الصادرة عام 1947 ، والتي تجذب الآن أجيالاً جديدة من القراء .
كانت ابنة كامو تبلغ من العمر 14 عاماً عندما قرأت " الطاعون " ، قبل شهرين من وفاة والدها في حادث سيارة ، حيث قالت لصحيفة الغارديان :
" إن رسالة " الطاعون " تبدو حقيقية اليوم كما كانت في ذلك الوقت ، كما ستحدث في المستقبل" ، "يسعدني أن أعرف أن الأشخاص يقرؤونها مرة أخرى ، إذا كانت هناك فقرة في الرواية تتحدث إلى القراء ، مما يمنحهم الأمل ، فهذا هو المهم " .
ابنة كامو ، 74 سنة ، كانت تتحدث من منزلها في لورمارين في لوبيرون ، حيث عاشت لمدة 30 عاماً فيه وهو المنزل الذي اشتراه والدها من الأموال التي جمعها من جائزة نوبل للآداب في عام 1957 ، المنزل يقع في شارع ألبير كامو ، على مرمى حجر من المقبرة حيث دفن الكاتب عام 1960 عن عمر ناهز 46 عاماً ، المولود في الجزائر أثناء تحطم السيارة التي كان يقودها ناشر كتبه ميشيل جاليمار ، باصطدامها بشجرتين حيث قتل على الفور ، ولا يزال سبب الحادث لغزاً حيث كانت هناك العديد من النظريات الواردة في كتاب "موت كامو" ، للمؤلف والأكاديمي الإيطالي جيوفاني كاتيلي الذي ذكر فيه ، أن المؤلف ربما يكون قد قتل على يد المخابرات السوفيتية آنذاك بعد أن أعرب عن معارضته للنظام السوفياتي ، لم تُبلغ كاثرين وشقيقها التوأم جان ، اللذان يلقبهما والدهما "الطاعون" و "الكوليرا" ، بوفاته مباشرة وتم إبعادهما عن الجنازة ، وعلى مدار 40 عاماً ، تمكنت كاثرين كامو من إدارة إرث والدها الأدبي ، والتحكم في حقوق النشر ، ونشر رسائله .
يقول المدير المفوض البريطاني لدار نشر بنجوين أن الدار زادت من طبع رواية كامو " الطاعون " لمواكبة الطلبات عليها ، وقالت إيزابيل بليك ، مديرة الدعاية الكبرى : " لقد انتقلنا من كميات الشحن بالمئات كل شهر إلى الآلاف ، ففي فبراير من العام الماضي ، تم بيع 226 نسخة من " الطاعون " في المملكة المتحدة ، كان الرقم في الشهر الماضي 371 في الأسبوع الماضي ، بعد ثلاثة أسابيع من الشهر تم بيع 2،156 نسخة في آذار ، بما في ذلك 1504 نسخة في أسبوع واحد فقط ، قالت بليك : " يتم ذلك في الغالب من خلال المكتبات المستقلة حيث أن أمازون غير متوفر فيها الرواية في الوقت الحالي مع أننا طبعنا مرتين حتى الآن هذا العام .
الرواية تبدأ أحداثها في أحد أيام الربيع عندما يجد برنارد ريو وهو طبيب من مدينة وهران الجزائرية ، فأراً ميتاً على عتبة منزله ، كما يرى الجرذان ميتة وحية في كل مكان ، عندها يشاهد السكان المحليون وهم في مواجهة الموت بسبب الطاعون المنتشر فتأمر السلطات الجميع بالبقاء في منازلهم ، من خلال شخصياته ، كامو يسرد كيف يستجيب الناس كأفراد - وكجزء من مجموعة - للمعاناة والموت ، سواء كانت تجربة انفرادية أو إظهاراً للتضامن الاجتماعي ، ومع أن الرواية تدور أحداثها عام 1940 ، لكنها تستند بشكل فضفاض إلى وباء الكوليرا عام 1849 ، بعد الاستعمار الفرنسي للجزائر ، وقال ألبير كامو إن الرواية يمكن قراءتها على عدة مستويات ، كما أنها تحمل رمزية كبيرة تجاه المقاومة الفرنسية ضد وباء النازية والاحتلال الألماني خلال الحرب العالمية الثانية ، حيث كتب قائلاً :"إن السكان الذين تم إطلاق سراحهم أخيراً ، لن ينسوا أبداً الفترة الصعبة التي جعلتهم يواجهون عبثية وجودهم وهشاشة الحالة الإنسانية " .
قالت كاثرين كامو إنها ومن خلال الرسائل العديدة التي تتلقاها حول عمل والدها ، خلصت إلى أن الانبهار المستمر معهم كان لأن :" الرجل في الرواية سأل نفس الأسئلة التي يطرحها الجميع ويتناول نفس المعاناة والألم والمخاوف ، الجميع يعتقد أننا مسؤولين عن أفعالنا " ، وقالت :
" نحن لسنا مسؤولين عن الفايروس التاجي ولكننا يمكن أن نكون مسؤولين في الطريقة التي نرده بها ، حاول بابا التحدث باسم أولئك الذين ليس لديهم كلمات خاصة بهم ، كان مصمماً على تحدي الأكاذيب ، كان يعتقد أنه عندما تكون كاتباً لا يمكنك الكذب ،إنه لأمر رائع أن الجيل الجديد يكتشف كامو ، وآمل أنه في صمت الحبس سيكون لكلماته صدى " ، وقالت :" إن الناس كانوا يتصلون بها ليقولوا إنها يجب أن تكون سعيدة لتلقي الأموال الإضافية ، مؤكدة وجهة نظرها الكئيبة بأننا أصبحنا " روبوتات " مهووسين بالمال بالطبع ، إن المال مفيد ، ولكن ليس هو الأهم ، بابا لا يحتاج إلى مساعدة أو ترويج لبيع كتبه ، عمله يتحدث عن نفسه ، لقد كتب ما كان عليه قوله وفعله على أعلى مستوى " .