تواصل المدى نشر الأعمدة الثقافية، والتي سبق وأن أرسلها الفنان الرائد الراحل سامي عبد الحميد إلى المدى، بغية النشر. والمدى إذ تنشر هذه الأعمدة تؤكد الحضور الثقافي الفاعل الذي كان يميز فناننا الكبير.
سامي عبد الحميد
- 5 -
الكلاسيكية الجديدة : كان (توريللي) أكثر المصممين تأثيراً في السينوغرافيا في القرن السابع عشر وكان هو الذي صمم عمارة (مسرح نوفيسيمو) في مدينة فينيسيا حيث منحته تجاربه في السينوغرافيا لقب (الساحر العظيم) . وبين عامي 1641 و 1645 قدّم للمسرح ما سمي (العربة والإطار) . وهو نظام يعمل على وضع أجنحة مسطحة على إطارات مستطيلة تتحرك على شقوق في أرضية المسرح بمنصات ذات عجلات تتحرك على سكك في القبو تحت خشبة المسرح واستخدمت تلك التقنية على جانبي المسرح وربطت العجلات بنظام معقد للحبال والبكرات برافعة واحدة وعند استدارة الرافعة تتحرك مجموعة واحدة من المسطحات أمام فتحة المسرح وبذات الوقت تسحب مجموعة أخرى الى خارج المسرح وعندما تكون مجموعة المسطحات خارج المسرح فإن مسطحات أخرى توضع مكانها وكانت تلك طريقة ناجحة لتبديل المناظر وثم استخدامها في مسارح أوروبا الأخرى عدا مسارح إنكلترا وهولندا .
ذهب (توريللي) الى باريس عام 1645 ليصمم انتاجات عديدة لمسارحها ومنها (باليه روباس) الذي صممه على غرار تقنياته المعمارية . كان اخراجه لمسرحية كورني (اندروماك) عام 1650 قد مهد لأسلوب طويل الأمد لعروض تستخدم فيها المكائن لتغيير المناظر .
برزت إنكلترا كمركز مهم للتصميم المسرحي عندما اعترف الملك جيمس الأول وجارلس الأول الحال على للمناظر المتنوعة وخصوصاً لما سمي (قناع القصر) ويرجع تصميمها الى (انيغوجونز) وكان هذا قد زار إيطاليا مرتين وزار باريس مرة واحدة وتأثر بالأسلوب الإيطالي حيث قدم للمسرح الإنكليزي المناظر المرسومة ، وكان نظام الحفر قد تطور على يد جونز الذي استخدم الحفر للأجنحة الجانبية وكذلك لمصاريع الأبواب الخلفية وبذلك سمح لأن يستوعب فضاء المسرح بكامله لتبديل المناظر وبدون تقاطعات . وقام (جونز) بتزويد أحد المسارح بالآليات ومنها آلية السحب والفخاخ التي تستوعب مناظر بمكاملها .
حوالي 17.3 قدم (غالي – بيبينا) المنظور بالزوايا الى احد مسارح مدينة (بولونيا) . كان المصممون السابقون قد نظموا رسوماتهم المنظورية حول نقطة تلاشي واحدة وسط الصورة مع ملامح معمارية حول الجانبين باتجاه الأفق المركزي . أسس (بيبينا) اكثر من نقطة تلاشي واحدة واضعاً الملامح المعمارية في وسط اللوحة المرسومة وتكون الآفاق خارجها على الجانبين . وكانت نتيجة ذلك فقدان الصورة الأقل ثباتاً تلك التي تحتاج الى الهارموني من خلال عدم التماثل – يمتد المنظور بالزوايا بالبصر خارج المسرح المرئي مجبراً المتفرج على اكمال الصورة المسرحية في مخيلته وفوق هذا وذاك فان تفادي التماثل الحاد يشتت التحديق في المنظر ويفسح المجال لذاتية بصرية اكثر وتصغير للقوة الرمزية للأمير الذي سبق وان أحتل موقع المتفرج .