اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بعبارة أخرى: المُتجهِّم كاتانيتش .. وأمثاله!!

بعبارة أخرى: المُتجهِّم كاتانيتش .. وأمثاله!!

نشر في: 13 إبريل, 2020: 09:16 م

 علي رياح

كلنا يرتكب الأخطاء . وهذا القول ليس اكتشافاً إنسانياً أدّعيه ، وإنما هو دلالة على أننا بشر ولسنا ملائكة .. ومن فرط تكرارنا للمثل الشائع (الاعتراف بالخطأ فضيلة) صرنا نتجاهل الإشادة بمن يتخلّى عن المكابرة ليحاول الانتساب إلى قول الحق والاعتراف بخطأ أو حتى بخطيئة!

في بداية عهدي بالصحافة ، أبديت عاطفاً شديداً مع عدد من اللاعبين الشباب الواعدين في نادي الزوراء لمجرد أنني رأيت المدرب الكبير داود العزاوي لا يسمح بالخطأ ، ولا يبرر لأي لاعب أي تهاون في أداء الواجب ، وكانت نظراته - كما استعيدها الآن - تقدح بعدم الرضا ولا أقول الشرر .. وقد تنبّه العزاوي إلى تبدّل الملامح والألوان على وجهي ، وتركني نهباً لها حتى انتهى من الحصّة التدريبية في منتهى الأبوّة مع اللاعبين ثم أقبل نحوي ضاحكاً وتساءل : أنا كنتُ شديداً . صح؟! ثم راح يحدثني والابتسامة تعلو وجهه : أنا بمشاعر الأب ومسؤولية المدرب أفعل كل أمر أراه صحيحاً من أجل تنشِئة اللاعب على النحو السليم ، وهؤلاء سيكونون الجيل الذهبي الذي سيعيد الزوراء إلى القمة!

صدق العزاوي في وعده ، أثمرت صلابته في الميدان مع لاعبيه جيلاً من النجوم ، فكان لزاماً عليَّ أن أقدّم اعتذاري الشديد له ..

وحين كان رعد حمودي في علياء شأنه ، رأيت المدرب الكبير الراحل عبد كاظم خلال وحدة تدريبية في مدرسة تدريب الفروسية وهو يلوم الحارس النجم أشدّ اللوم أمام اللاعبين لما رآه خطأ لا يصح أن يقع فيه قائد منتخب العراق ، ورأيت بالفعل علامات الزعل على وجه رعد حمودي ، فدفعني التعاطف المطلق مع الأخير إلى سؤال (ملك التغطية) عن السر في هذه الخصومة ، وجاءني الرد : رعد هو نجم الكرة الأول في العراق وهو قائد المنتخب والأنظار كلها تتجه نحوه ، والاستماع إلى إيعاز المدرب وتنفيذه جزء من نجوميته ، وإلا فإنني لن أقبل أي شكل من التراخي أو التمرّد من أي لاعب حتى لو كان رعد حمودي!

وبعد أيام زالت غمامة الجفاء بين الأثنين ، وتفهّمت تماماً موقف عبد كاظم الذي اعتزُّ به وبشخصيته القوية أيّما اعتزاز ، واعتذرت له!

وفي بداية عهد المدرب كاتانيتش مع منتخبنا ، رأيته (يُحسن) الصمت ، ويرسم على شفتيه تزمّتاً شديداً في الكثير من المواقف ، وهو متجهِّم كل الوقت .. وقد لاحظ كثير من الزملاء ذلك ، وعابوا عليه أنه لا يُحسن المجاملة .. حتى جاءت الفرصة المواتية خلال بطولة خارجية لأطرح الأمر على كاتانيتش الذي كان منصفاً لنفسه ولي حين قال : هذه طبيعتي ، وستكتشف ولو بعد حين أن قلبي طيّب ولا أحمل ضغينة لأحد .. أنا بطبعي صارم خصوصاً حين يتعلّق الأمر بالتعاطي مع الإعلام!

ولم استكثر على الرجل مثل هذا السلوك ، وحين رأيته لاحقاً في مواقف إنسانية رائعة ، اعترفتُ له بأنّه على حق ..

مواقف كثيرة شتّى من هذا القبيل ، عشتها كإعلامي مع شخصيات مرموقة وأخرى مغمورة في فضاء الرياضة ، أخطأتُ فيها التفسير أو التعبير ، فكان لا بدّ أن أجد من ينصحني إنسانياً ويُجبرني مهنياً على الاعتراف بالخطأ ، حتى لا يكون القلم في المرّة المقبلة سيفاً مسلّطاً على رقاب الآخرين دون وجه حق!

أريد القول إننا الإعلاميين مُعرَّضون للخطأ ، وقد نقع تحت ضغط التفسير لسلوك نراه خشناً أو سيّئاً من لاعب أو مدرب أو حكم أو إداري .. ومثلما تمنحنا طبيعة المهنة مساحة وميزة تناول أخطاء الآخرين بالنقد الذي يبلغ حدّ القسوة أحياناً ، فإن علينا أن نتـّسم بشجاعة الاعتراف بأخطائنا الإنسانية أو المهنية .. فنحن لا نحمل طباع الملائكة ، كما أننا يُفترض ألا نحمل نوايا الشياطين! 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

فشل الذكاء الاصطناعي في مضاهاة الخلق الأدبي والفني

قناطر: بين خطابين قاتلين

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

يا أيام بنطال "الچارلس".. من ذاكرة قلعة صالح في سوق الخياطين

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان

العمودالثامن: عقدة تشرين

 علي حسين ظهر علينا مؤخراً المحلل السياسي عماد المسافر في " نيو لوك " متطور، ليحدثنا عن مخاطر من أسماهم " التشارنة "، والرجل يقصد الشباب الذين شاركوا في تظاهرات تشرين التي أزعجت...
علي حسين

كلاكيت: ساذرلاند..الممثل أدى جميع الأدوار

 علاء المفرجي مسيرة ستين عاما، مترعة بمئتي فيلم وعدد من المسلسلات الناجحة، هي حصيلة احد أهم ممثلي السينما بالعالم، دونالد ساذرلاند.. الذي رحل عن عالمنا هذا الأسبوع. هذا الممثل الذي قيلت بحقه الكثير...
علاء المفرجي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram