TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: المثقف في الحجر

قناطر: المثقف في الحجر

نشر في: 14 إبريل, 2020: 06:43 م

 طالب عبد العزيز

قد لا يجد كثيرٌ من المتقاعدين، أقراني، حرجاً في قضية الحجر، التي نحياها منذ اكثر من شهر، بسبب وباء الكورونا، فقد ادمنا البقاء في المنازل والتعرف على المطبخ وتربية الاحفاد بعد رفقة طويلة مملة قضيناها مع الوظيفة والسوق،

كما انه ليس في المدينة التي تضيق علينا منذ عقود مقصداً جميلاً اكثر من المقهى والمكتبة وكورنيش شط العرب، بعد أن خلت المدينة من السينما والمسرح والحديقة العامة والشارع النظيف والانسان الحقيقي ايضاً، وليس اكثر من اللقاءات شبه اليومية والعابرة مع الاصدقاء مدعاةً للخروج من البيت.

لجملة الاسباب تلك أشعر بانَّ البيت مكانٌ معقولٌ لقضاء ما تبقى من الايام، أو لتأمل ما يتغير من حولنا في الطبيعة، ولا أقصد المتغير في السياسة والاقتصاد والحروب الكونية المتوقعة، فقد اجهز السفلة من ساستنا- هل لدينا ساسة - ؟ على حلم التغيير عندي، حتى بات النظر الى قطعة بيضاء بعيدة في السماء -سمها غيمةً- احبَّ الي من معاينة مدن جميلة كثيرة في العالم، هم أجهزوا على الرغبة في السفر عندنا، قبل أن يجهز الوباء على المدن تلك، هل نقول بان العالم ما بعد الكورونا تغير بالفعل أم أنَّ ما حدث في العراق بشكل خاص فكك نظرتنا الى العالم حتى استحالت سوداء هكذا؟

البعض يعتقد بان القراءة ومعاينة الافلام على سينمانا افضل السبل للقضاء على الضجر الذي يولده الحجر المنزلي، وقد يبدو ذلك صحيحاً الى حدٍّ ما لدى الانسان التقليدي، مع يقيننا بانه خلق ملولاً، نزّاعاً الى التغيير، وربما كان المثقف اتعس الآدميين في النزوع الى التغيير والخرق واللامبالاة أيضاً، ولمّا كانت الكتابة والقراءة مهنة العاطلين عن الموت، الشعراء منهم والروائيين والفنانيين.. لذا ستكون الاقامة الجبرية أشدَّ وقعاً عليهم من التعرض الى الكورونا على خطورتها. قبل يومين استعنت بهويتي الصحفية فأخذني ابني بسيارته الى المدينة، اشترينا من الصيدلية قفازات وكمامات وشيء من مطهر كحوليّ، وبدونا مختلفين فعلاً، لكنني، تجرأت فذهبت الى الامكنة التي كنت أرتادها. كانت المقهى والمكتبة مقفلتين ولا أحد من الاصدقاء وجدته بين الماشين على الكورنيش، ومثل أي خائف، تبضعت أشياء لا أجدها ذات أهمية، لكنَّ الرغبة في التسوق كانت قوية عندي.

نعم، الكل يعترف بأن العالم ما بعد الكورونا سيتغير، هذا واقع سنلمسه لاحقاً، فالخوف من المرض والموت يجبرنا على تغيير عاداتنا، لقد عشنا حياةً ستكون أفضل لو غيرنا بعض أولوياتها، وإذا انعمنا النظر في مفاصل كثيرة منها سنجد اننا أستهلكناها في ما لا ضرورة له، ما فعلته الدول الكبرى بالحياة كان مهيناً وقبيحاً، المجتمع الاستهلاكي يدمر الارض ومن عليها. أرى انْ على المثقف ان يكون طليعياً في تقديم الشكل القادم لطبيعة الحياة ما بعد الكورونا. القراءة والكتابة ومعاينة الأفلام على سينمانا وصفة عاجزة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram