TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من ينتصر لفتاة النجف؟!

العمود الثامن: من ينتصر لفتاة النجف؟!

نشر في: 14 إبريل, 2020: 09:06 م

 علي حسين

لم تكن الفتاة النحيلة التي ولدت في بغداد وعاشت طفولتها في الناصرية وصباها في الكوت، وشبابها في أروقة دار المعلمين العالية، ودرّست التلاميذ الصغار في الأنبار تتوقع أنها ستغيّر اسمها ذات يوم من فخرية عبد الكريم إلى "زينب"،

وتقف إلى جانب فنان الشعب يوسف العاني في سعيد أفندي وخليل شوقي في النخلة والجيران لتروي حكايات العراقيين، وتنقل لنا فقر حالهم ممزوجاً بعذابات المرأة العراقية.. إسمحوا لي إذن في هذه الزاوية المتواضعة أن أتذكر اسماً تاه عني، لكنه لن يتيه عن ذاكرة العراقيين، نتذكر زينب الفنانة والإنسانة والمناضلة، مثلما نتذكر سيدة عراقية كبيرة اسمها نزيهة الدليمي ظلت تحلم حتى آخر يوم في حياتها بصورة لعراق جديد شعاره المستقبل وغايته إسعاد الناس وبثّ الأمل في نفوسهم، جاءت نزيهة من عائلة فقيرة، مثلما كانت عائلة زينب متوسطة الحال، نقلت نزيهة فقر حالها ووعيها وعذابات المرأة العراقية إلى كل عمل سياسي واجتماعي قامت به. 

سيقول البعض يا رجل تحتل المرأة في العراق منذ سنوات ربع مقاعد البرلمان، لكن ياسادة للأسف تتشكل الحكومات وتنحل من دون أن ينتبه أحد إلى أن المرأة يجب أن تكون ممثلة فيها. والمؤسف أنه عندما أعطيت حقها البرلماني، طلب منها الساسة أن تظل مجرد رقم على الهامش، ويتم إذلالها وحرقها وإهانتها، ونقرأ في الأخبار أن أحزاباً وتكتلات دينية عدة لاتزال تعارض قرار قانون العنف الأسري، وهذه الأحزاب نفسها تتباكى في الفضائيات على حقوق المرأة، لكنها في البرلمان تجد أن قانونا يحمي المرأة من العنف يشكل خطرا على المجتمع مثلما أخبرنا ذات يوم رئيس كتلة الفضيلة النائب عمار طعمة، للاسف العشرات من نواب الأحزاب الدينية، بفرعيها السُّني والشيعي، مخلصون لتربية حزبية جعلت منهم تروساً في ماكنة قهر المرأة باسم الفضيلة والدين، فهؤلاء جميعاً يرون في المرأة "ضلعاً أعوج" يجب تقويمه، وهي ناقصة عقل ودين.

في هذا المناخ الفاشي ضد المرأة ، لم يعد عداد الانتهاكات ضد النساء يشغل أحدًا، كما أن منظر حرق فتاة في النجف لا يهز وجدان الاحزاب المؤمنة التي يتصاعد خطابها الذي يرسخ مفهومًا متخلفا : لا يهم أن تقهر المراة وتستلب شخصيتها !! ، المهم أن تعيش التقاليد والاعراف .

اليوم، الواقع يقول، إن حقوق المرأة مهدورة ليس فقط في الشارع والجامعات ودوائر الدولة وإنما في البيت والهدف أن تظل المرأة مواطنة من الدرجة الثانية. دشن "القائد الضرورة " حملته الإيمانية بقطع رؤوس النساء بالسيوف، واليوم نجد من يحرق النساء وهو مطمئن إلى أن القانون لن يحاسبه، ومن يسعى جاهدا لإقصائهن عن المشاركة في بناء المجتمع. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalid Muften

    من ينتصر للمراءة العراقية من مجتمع ذكوري اغلبهم جاهل ومتخلف وتسيطر علبه العادات والتقاليد البالية .

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram