TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: عدالة عبد المهدي

العمود الثامن: عدالة عبد المهدي

نشر في: 19 إبريل, 2020: 09:00 م

 علي حسين

عندما أراد الروائي صنع الله إبراهيم أن يقدّم لنا نحن القراء شهادة عن عالم السياسة العبثي، اختار أن يكتب رواية عن اللجان التي يشكلها أصحاب الحل والربط.

في روايته المثيرة "اللجنة" يرسم لنا فيها صورة قاتمة لعالم تكون فيه اللجان المضحكة نموذجًا يحدد مصائر الناس البسطاء، ويكشف حالة الانتهازية والكذب والخديعة التي يصرّ المسؤول الكبير على أن يفرضها على الناس.. ولهذا كلما أقرأ عن اللجان التي تشكلها حكومة السيد عادل عبد المهدي أتذكر رواية صنع الله إبرهيم التي يؤكد فيها أن حقوق الإنسان مسألة تستحق أن يُقاتَل من أجلها، وأن القوانين ليست منزَّلة من السماء، وأنّ "الشعوب من دون عدالة لا يعود لها وجود.. ولهذا تحاول الحكومات الفاشلة أن تتنافس في سنّ قوانين خاصة بها، وأن ترفع سيف الانتهازية في وجه من يعترض على الخراب، لان المسؤول يرى نفسه حكيما وطبيبا واقتصاديا وناشطا مدنيا وفيلسوفا . 

منذ أن احتل فايروس كورونا الصدارة وأزاح ترامب وخطبه المضحكة وأسدل الستار على عنتريات أردوغان وتظاهرات الشيطان الأكبر، فكورونا اصبحت العنوان الأول في كل شاشات العالم، إلا شاشات هذه البلاد التي لاتريد أن تغادر أخبار بدلة الحلبوسي، و"جوبي" أبو مازن" وتقلبات بهاء الأعرجي وصراخ كاظم الصياد "وا وطناه" ولأن كورونا الشغل الشاغل للعلماء والأطباء والمختبرات، فإنها أيضا لاتزال تشغل السيد عادل عبد المهدي الذي بشر هذا الشعب الصابر بأن منحة "الألف دينار" الذهبية ستطلق قريبا وستكون لها نتائج كبيرة على الاقتصاد العالمي في المرحلة المقبلة، ولهذا حبس العالم أنفاسه، وهو يرى بلدا سُرق فيه أكثر من ألف مليار دولار، يمنح فقراءه ألف دينار. 

قصة الألف دينار التي أخبرنا عبد المهدي أنه سيطلقها قريبا، لا تخص الفقراء من العراقيين فقط، وإنما تخص بنية نظام سياسي فاسد يجعل من المسؤول، مستمتعًا بكل هذه الأموال المسروقة ومعها حماية من المحاسبة، 

وتؤكد ان لا قيمة للمواطن ، إ ومن ثم لم يعد عداد الفقراء والمعدمين يشغل أحدًا.

عندما أُعيد إحياء ألمانيا التي دمرتها الحرب العالمية الثانية، اقتضى النهوض من ركام الخراب سياسيًا مدركًا لمسؤوليته تجاه شعبه، فكان الاختيار لـ"أديناور"، الذي سُمّي في ما بعد "باني ألمانيا الحديثة" لأنه استطاع خلال سنوات قليلة أن يجعل من هذه البلاد المهزومة، واحدة من أقوى اقتصاديات العالم.

يلتقي الساسة الذين يحبّون أوطانهم على مشترك واحد، رفاهية الشعوب وطيّ صفحة الدمار والخراب والوقوف بوجه الفساد، لكن في بلاد الرافدين هناك رجال اعتقدوا أنهم إذا حملوا إلى الناس التغيير ، فحقَّ لهم استبداله بالسيطرة على مؤسسات الدولة وثرواتها ومستقبلها .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. Anonymous

    ما تزال النكت السياسية المستوحاة من المصدر الاقتصادي رائجة : تسعيركم الشلغم أثلج صدورنا

  2. خليلو البغدادي

    يمتاز الشارع البغدادي بالتعليقات اللذعة المستوحاة من إقتصاد السوق تسعركم الشلغ أثلج صدورنا مثلاً

  3. Khalid Muften

    منذ تسنمه المنصب قبل عام حتى انهالت المنح والمكارم من عدس رمضان حتى منحة الالف دينار الكورونية التي لم يبقى فقير ، فشكرا ( لمهاتير ) عبدالمهدي على الاصلاحات الاقتصادية ورفاهية الشعب .

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram