علي حسين
من أمتع الكتب التي قرأتها الكتاب الذي كتبه عالم الفيزياء الأميركي ميشيل كوكو عن شارد الذهن ألبرت آينشتاين، وكنت في مراهقتي الفكرية أعاني من تضخم الأنا، فأُوهم نفسي بأنني أستطيع فكّ ألغاز أي كتاب،
إلى أن وقعت في امتحان عسير، حين اشتريت ذات يوم كتاب ألف باء النسبية، وكنت أعتقد أن آينشتاين مثل نجوم السينما بشعره المنكوش وقدميه اللتين تنتعلان حذاء دون جوارب، لحظة الشرود التي لاتفارق وجهه، أمضيت أياماً بلياليها أُحاول حلّ لغز الصفحات الأولى من الكتاب، لكني في النهاية استسلمتُ ورفعتُ الراية البيضاء، وأيقنت أن مثل هذه الكتب لا يقربها إلّا الراسخون في العلم، وأنا حتما لست منهم، بدليل أنني حتى هذه اللحظة لم أتمكن من حل لغز الخبر الذي يقول: " إن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي حدّد من مقر إقامته في الفلوجة عدد الوزارات التي سيحصل عليها في الحكومة الجديدة والتي ستكون ست وزارات "
وقبل ان يتّهمني البعض بمحاولة تقليد المرحوم آينشتاين، أُحب أن أُطمئنكم أن صاحبة الخبر، النائبة نورة البجاري .
ولأنني مثل ملايين العراقيين أعرف أن معركة الحصول على الغنائم في الحكومة الجديدة سيخوضها الجميع في الغرف المظلمة ، لكنهم سيخرجون علينا في الفضائيات يبتسمون وهم يؤكدون أن الحكومة من الشعب والى الشعب ، وأعرف جيداً أن كل الكتل السياسية تستخدم عبارات التغيير والإصلاح ومطالب المتظاهرين مادة في جلسات السمر، وسيخلدون بعدها إلى النوم العميق ، بعد أن يوهموا العراقيين بأن الحكومة لن تتشكل إلا بإرادة الشعب وحده .
يخبرنا السيد الحلبوسي ومعه معظم السياسيين أنهم زاهدون في المناصب ، لكنّ الواجب يتطلب منهم أن يقدموا خدمة للبلد !!، وقرأنا في الأخبار قبل أيام أن المعركة التي تدور بين الحلبوسي والخنجر لا علاقة لها بالمدن التي تدمرت وتحتاج الى إعمار، ولا المشردين الذين لايزالون يعيشون في الخيام ، وإنما هي معركة من أجل تقاسم الكعكة .
لا أحد منّا يشكّك في حبّ سياسيينا الأفاضل للعراق ، لكن ما يسترعي الانتباه أنّ حبّ الوطن انتقل من شعارات الإصلاح والتغيير إلى أهازيج الشفّافية والنزاهة .
ذات مرة طلب أحد الصحفيين من آينشتاين أن يشرح له النسبية، تأمّل قليلاً ثم أجاب: إذا كان"أ"يرمز للنجاح فإن المعادلة يجب أن تكون على النحو الآتي: أ = س + ص + ع حيث يرمز" س "إلى العمل وحرف"ص"إلى اللعب.سأله الصحفي عمّا يرمز إليه حرف"ع" فأجابه آينشتاين: إلى إغلاق فمك! وكنتُ أتمنّى على سياسيينا " الأفاضل " أنْ يغلقوا أفواههم احتراماً لأرواح شهداء انتفاضة تشرين .