اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: صورة الشرطي في الذاكرة العراقية

قناطر: صورة الشرطي في الذاكرة العراقية

نشر في: 21 إبريل, 2020: 08:16 م

 طالب عبد العزيز

لا أظن أن الخليفة، الملك، الامبراطور الذي ابتكر جهاز الشرطة عبر التاريخ الانساني كان يقصد منه حماية المواطن، والسهر على أمنه وسلامته، بقدر ما أسسه لحمايته والنظام والدولة القائمة عليه،

 

 وظلت اجهزة الشرطة والمؤسسات الامنية صنيعة البلاطات الملكية والادارات الحكومية اكثر من وجودها وعنايتها بحماية الانسان والافراد، لذلك لم ترق صورة الشرطي الى أبعد من كونه ابن الحكومة، أي حكومة، على الرغم من استحداث الانظمة السياسية وتطور فن الادارة وتقلص حجم الحكومات المستبدة.

وجدير بنا القول بان الحزب الشيوعي العراقي ومنذ تأسيسه في ثلاثينيات القرن الماضي رسم الصورة النمطية للشرطي في العراق، الصورة التي تتعقب الاحرار والوطنيين، الساعين الى تحرير البلاد من الاستعمار والتخلص من الحكومات العميلة، لم يرسمها الحزب جزافاً بطبيعة الحال، إنما هي واقعة ومشؤومة هكذا، انطبعت في الذاكرة الشعبية، ولم تتغير الى اليوم، بل ازدادت تشوهًا وقبحًا في زمن النظام السابق، ولم تفلح احداث ما بعد العام 2003 في تحسين الصورة تلك، إذا لم نقل بانها أصبحت اكثر شؤمًا وقبحًا.

ومثل أي واقعة ملموسة لا يحق لنا تعميم الصورة، لتشمل كل المنتسبين لجهاز الشرطة في العراق وغيره، ففي هذا تعسف وظلم كبير، لكننا نتحدث عن الصورة بإطارها العام، والذاكرة العراقية وعبر نحو من ثمانين سنة ويزيد، مازالت تحتفظ بصورة الشرطي الذي يطرق بابك ليخبرك بانك مطلوب للحكومة، وعليك مراجعة الضابط، الذي سيساومك على قضيتك في الحق والباطل، فأنت خارج على رضى الحكومة، متمرد على إرادتها، ومما يؤسف له أن الحال هذا ظل ماثلًا الى اليوم، فأنت على يقين بان الضابط سيساومك حال دخولك مبنى الشرطة وستمتثل اليه شئت ام أبيت.

قد يكون في حديثنا ما يغضب احدًا من الأصدقاء، ضباطًا ومراتب وآخرين، لكنني اتوسلهم ان يهدوني إلى من انقذوا حياته من بطش الحكومة على تعاقبها في الزمن، ومنذ تأسيسها في العام 1921 وحتى يومنا هذا، أبحث عمن يرشدني الى متهم في قضية بسيطة لم يتعرض للضرب والاهانة والابتزاز، ولا اتحدث عن ما حدث بعد العام 2004، حيث تسللت المليشيات فيه الى ادق مفاصل الجهاز الامني واستحكمت في قياداته، إنما ابحث عن شخص استعان بهم في قضية عادلة وأنصفوه، دونما ابتزاز ورشًا وإتاوات، لا اريد ان اتحدث عن واقعة حدثت مع ابني قبل سنوات، وكيف اضطر الى ترك هويته في مركز الشرطة بالبصرة القديمة، وبالطريقة الحقيرة التي تم التعامل بها معه، كذلك لا أريد الخوض في ما وقع لي قبل ثلاثة ايام، في تقاطع ساحة الطيران، حيث أصر الشرطي على أخذ سنوية السائق الذي معي على الرغم من انني اعطيته هويتي الصحفية واعلمته بمهمتي كصحفي مسموح لي بالتنقل. 

لم تستقر الصورة (المشرقة) التي شاهدتها لأول مرة بداية العام 2004 قرب تقاطع مبنى المحافظة القديم في عيني طويلًا، صورة الشرطي الوطني، الذي وقف ينظم السير ويوجه الناس، كنت حالمًا كأي عراقي بعهد جديد. قلت لقد ولى والى غير رجعة الشرطي الذي يتعقبني في المقهى، ويبتزني في مركز الشرطة، لكني وللاسف صحوت من حلمي الكاذب ذاك فالصورة ما زالت هي هي. 

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram