إياد الصالحي
تهتزّ سمعة بعض الاتحادات الرياضية بقضايا فاضحة بعضها خطير يعرّضها الى موجة من الانتقادات العنيفة من أجل إظهار الحقائق الكامنة وراء أخطاء إدارية أو فنية ذات مردود سلبي دولي على مكانة البلد، البعض يُعالج الخطأ بصراحة كاملة مع الإعلام ويُحمِّل نفسه مسؤولية التقصير، والبعض الآخر يُدافع حتى آخر لحظة عن الخطأ ويُبرِّر بمعلومات تثير السخرية في محاولة للهروب من المحاسبة، وفي الحالتين تبقى المشكلة رهن المساجلة في ظل غياب الإجراء الأولمبي والوزاري لتولي التحقيق وبيان خيوطه كاملة بلا تعاطف أو تسويف.
حاورت المدى في الثاني والعشرين من نيسان الجاري الخبير الدولي برياضة رفع الأثقال عقيل عطرة، وتحدّث بإسهاب عن أسباب الفضيحة الجديدة التي هزّت اتحاد اللعبة بإيقاف ثلاثة من أبطاله بسبب ظهور نتائج إيجابية في عيّنة فحص المنشطات، وتفاعل مع حديثه عشرات الرياضيين ما بين مؤيدٍ لما أدلى به من وقائِع، وبين منبّهٍ لخطورة سكوت الدولة عن تعاطي مواد ممنوعة في قاعات إعداد القوة البدنية، وبين موجّهٍ سهام مباشرة للإعلام الرياضي لعدم ممارسته دوره المهني وحكر التغطية على أنشطة كرة القدم دون بقية الألعاب، وفي كل الأحوال، ما وصلنا من تفاعل واسع يُدلل على حرص أبناء الرياضة وسعيهم لدفع الضرر عن رفع الأثقال بأقل الخسائر، وليس التكاتف من أجل تعتيم الحقيقة مثلما يحاول أحد مسؤولي الاتحاد أثناء ظهوره المتكرّر عبر القنوات التلفازية رفع الضغط الإعلامي عن الأبطال الثلاثة وإبعاد أصابع الاتهام عن اتحاده، ويعترف أنه وعديد خبراء اللعبة يعلمون عن خطورة هذه الحالات المتجذّرة منذ عام 1983!
ما يخصّ الإعلام الرياضي، ينبغي التأكيد على أنه ليس شريكاً في التعتيم أو الإخفاء أو غضّ النظر عن شبهات الفساد المالي أو الإداري كالذي يجري الحديث عنه في الوسط الرياضي عبر جميع وسائل الإعلام ومواقع السوشيال ميديا بلا تحفّظ، فوجود اِنحراف في سلوك متعمّد لبعض الإعلاميين لا يعني ذريعة وجيهة لإقحام الإعلام بمسمّاه الاعتباري كطرف يتحمّل مسؤولية عدم محاسبة المنتفعين في أي اتحاد رياضي من مزايا العمل والسفر، ولدينا عشرات الدلائل بأن الإعلام الرياضي يقف كمدافع أوّل عن حقوق الرياضيين وفضح الفاسدين وحماية أموال الدولة.
هناك من يؤكّد "لا وجوب في محاسبة الموقوفين واتحادهم في نصوص قانون اللعبة" وأنا أسالهم: هل الـ (لا) هنا تنسجم مع الفعل الشنيع لرياضي يُجاهر بأنه تناول مادة ممنوعة في "مشروب طاقة" معبّأ في عُلبة يجهل محتوياتها لأنها مكتوبة باللغة الإنكليزية بناء على اعترافه في مقطع فيديو سجّله له الاتحاد تمهيداً لإنجاز التحقيق والتأكّد من مسبّبات ظهور النتيجة الإيجابية قبل الشروع بإجراءات الاعتراض على تقرير الاتحاد الدولي؟!
إذن كيف يتمّ الردع ولدينا قاعدة واسعة من الناشئين والشباب مَثلهم الأعلى سلوان جاسم وصفاء راشد وأحمد فاروق وقبلهم رئيس الاتحاد محمد كاظم مزعل؟ ماذا عن سمعة البلد سيما أن الأموال التي تخصّصها الدولة لتحضيرات الرباعين وتسديد الاتحاد نفقات المعسكرات والبطولات طوال الأعوام المنصرمة (باستثناء الظروف الاستثنائية التي أعقبت شباط 2019) ينبغي ألا يقابلها الرياضي بإهمال جسيم ولا نقول متعمّد في غشّ مسؤولي الرياضة ومنظمي البطولة.
الصحيح أن يتحمّل الرياضي ومدرّبه كل النفقات ويُحرم من ممارسة اللعبة في النادي والاتحاد إذا ما تكرّر الخطأ مرّتين عن قصد أو دونه ويُثبَت رسمياً تسبّبه في معاقبة الاتحاد والدولة بالإيقاف.
رسالتنا الى وزير الشباب والرياضة د.أحمد رياض: كيف سُمح لاتحاد رفع الاثقال أن يجري التحقيق في الموضوع ويُكمل أوراق الرباعين الثلاثة ومدرّبهم دون تشكيل لجنة محايدة تتولّى معرفة الحقيقة بكل تفاصيلها بعيداً عن تسطيح البعض بأن تناول ثمانية فناجين قهوة يُسبب وجود مادة ممنوعة!
يجب أن تعيد الوزارة والأولمبية والاتحادات عاجلاً وليس آجلاً النظر في كيفية منع تعاطي المنشّطات تحت أي مسمّى، وتحديث مواد العقوبات أيضاً بعدما مرّت أكثر من عشرين حالة سابقة دون إجراء صارم يضع حداً لمن أمِن العقاب، فالأمر لا يحتمل التستّر على المقصّر أياً كان تاريخه، ولعبة رفع الأثقال لم تمتْ بموت الرباع عبدالواحد عزيز البطل الأولمبي التاريخي الفريد في العراق.