علي حسين
عام 1965 قررت ماليزيا أن تطرد سنغافورة من الاتحاد الماليزي، في ذلك الوقت سأل أحد الصحفيين رئيس وزراء سنغافورة ماذا ستفعلون؟ كانت الجزيرة بلا موارد تجارية، ولا طبيعية، فأجاب لي كوان:
"سنشكل حكومة نظيفة، وسنحرص على إخضاع كل دولار من الإيرادات العامة للمساءلة، والتأكد من أنه سيصل إلى المستحقين من القاعدة الشعبية من دون أنّ ينهب في الطريق". عندما ودع لي كوان الحياة، كانت الأرقام تشير إلى أن سنغافورة حصلت على الدرجة الأولى في آسيا بدخل المواطن الذي يصل إلى 60 ألف دولار سنويا، مع اقتصاد يتجاوز الـ 500 مليار دولار سنويًا .
سيقول البعض يارجل مالك تعيد وتزيد في حكاية سنغافورة، ولا تريد أن تلاحق المثيروتلقي الضوء على الحاضر وكيف أن الحكومة العراقية وبعد أن بلغت ميزانياتها خلال السنوات الماضية أكثر من تريليون دولار قررت أن تتوقف عن دفع رواتب الموظفين، وأنت تنتظر "حسنة" من البنك الدولي، وفي نفس الوقت تترك الأحزاب " المجاهدة " تسيطر على المعابر الحدودية تفتحها متى تشاء دول الجوار، وليس متى ما يشاء العراق، في كتابه من العالم الثالث إلى العالم الأول يخبرنا لي كوان كيف استطاع خلال عشر سنوات أن يبني سنغافورة جديدة، ويؤسس نظام الكفاية لكل المواطنين.. مع شعار الحق في السكن والصحة والتعليم. أما نحن يا سادة فما نزال نستمع إلى الأخبار الصادرة عن خصخصة رواتب الموظفين.. وأن التقشف يجب أن يطبق على الجميع.. وماذا يا سادة عن حيتان الفساد الذين استولوا على كل شيء دون أن يقترب منهم قاضٍ واحد؟، وماذا يا سادة عن الوعود التي أطلقتها الحكومات منذ 2003 وحتى لحظة كتابة هذه السطور عن مشاريع الإسكان والتنمية والصحة والتعليم والكهرباء التي لا نزال نتوسل إيران حتى لا تقطعها عنا؟، كل يوم تسرق أموال البلد، لكن البرلمان مشغول بجلسات الحلبوسي على "القنفة"، وتنظيرات عادل عبد المهدي عن العالم الوهمي، أما نسبة الفقر التي يعيش فيها أكثر من نصف العراقيين.. فإن على الشعب أن يتحمل، وأن يشد الأحزمة، لكن ماذا عن الطبقة التي انتعشت أحوالها بعد عام 2003 وأكلت الأخضر واليابس؟
ياسادة عندما انتخبكم العراقيون توقعوا أن تأتوا لهم بنموذج صالح لحكم دولة حديثة، توقعوا أن يصغي السياسيون لأصحاب الخبرة والمعرفة، وليس لأصحاب قوانين تعويض"المجاهدين" والسهر على راحة بال "الرموز الوطنية". لن ينفع العراقي أن نضع له قانونًا لتبجيل السياسي الفاسد وتقديسه، فهذه أمور أنكرتها ورفضتها الشعوب منذ عقود، سوف يكون أنفع للمواطن أن نضع قانونًا لا تضيع فيه المليارات بسبب " قفشات " نوري المالكي عن الاصلاح ومحاسبة الفاسدين .