علي حسين
السياسي الفاشل عادة ما ينتقم من جمهور يرفض سماعه.. هكذا يخبرنا خطيب الثورة الفرنسية ميرابو، الذي اتهمه إبراهيم الجعفري ذات أيام بأنه كان مُنافِقًا ،.. لا يزال ساستنا مصرّين على أن يتعلموا من روبسبير لا من غاندي.. لا تفكر في أرواح الناس فهي لا تعادل خطبة ثورية واحدة..
هذا هو الدرس الذي يعطيه روبسبير للطغاة.. لم يكن صدفة أن تعطي البشرية في وقت واحد هتلر وغاندي.. يكتب غاندي: "حيثما توجد خطب وحيثما يتكاثر الخطباء.. فإن البلاد ستذهب في طريق الهلاك حتما"...
تأملوهم جميعا. كل واحد يستخدم لغة "القائد الضرورة" بجمله وتعبيرات وجهه وعصبيته وابتسامته.. يقال إن هتلر كان يلمّع شعره قبل كل خطبة نارية.. هل تعرفون ما اسم اللجنة التي أسسها هتلر لملاحقة خصومه؟ إنها لجنة "السلامة الوطنية". بهذه اللجنة حكم بالموت على الملايين.. وبمساعدة أعضاء اللجنة من الثوريين كانت الناس تعدم في الزنازين وتغيب في أقبية المعتقلات.
كم سياسيًا ومسؤولًا حرق البلاد بسبب لجان المصالحة والمساءلة والاجتثاث؟ كم سياسيًا يريد ترويض الناس بجمل وشعارات عن الوطنية ومخافة الله ؟ كم انتهازيًا يشن كل يوم هجومًا على أدمغة الناس باسم هيبة "الأحزاب المجاهدة"؟
كم زمنًا سنعيش تحت حكم المعقدين نفسيًا والمصرين على أن نعيش معهم دهورًا من الجهل والتخلف؟ إلى متى سنتحمل سياسيي الخطب الرنانة وهلوساتهم؟ كم عمرًا سنضيّع مع أحاجي وحزورات يطلقون عليها ظلمًا صفة خطاب من شاكلة: " لسنا في أزمة قوالب، وهياكل جديدة لا نُريدها سلطة جديدة، لكننا نُريدها أن تكون روحًا تتموَّج إلى بقية المُبادَرات الأخرى.".. لا تصدقوا أن هذه العبارة قالها المرحوم جاك دريدا وهو يفكك الخطاب ، إنها من تفانين فيلسوفنا السابق الجعفري.
كم صدمة ستتحملها قدراتنا، ونحن نجد المسؤول يطالبنا نحن المواطنين بأن نتحمل مسؤوليتنا فيما لم يلتفت إلى أصحاب القرار ليقول لهم: "اتقوا الله في مواطنيكم "!؟.
تعامل عادل عبد المهدي مع احتجاجات تشرين المطالبة بالاصلاح والخدمات والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد ، بان قرر ان يخطب منتصف الليل ، وبدلا من ان يصغي إلى مطالب المحتجين ، سارع بتوجيه عبد الكريم خلف ان يظهر في التلفزيون ، يشتم ويكذب ويبرر القتل ، من اجل ان يواصل رئيس الوزراء خطبه التي كانت يتمنى ان يتربى عليها هذا الشعب .
أيها العراقيون لا تصدّقوا خطباء المنطقة الخضراء ، إنهم يريدون لنا "الخراب" .في لحظة يحلم فيها الناس بدولة حقيقية... دولة مواطنين، لا دولة تنتظر الأوامر من الجارة الارجنتين لكي تشكل الحكومة .