علي حسين
تنقل لنا الأخبار، بين الحين والآخر، عددًا من البشارات أبرزها وأهمها بالنسبة لهذا الشعب الذي لا ينام دون أن يضع صور زعمائه "الأجلّاء" تحت المخدة، أنّ نوري المالكي وأياد علاوي اتفقا أخيرًا،
وسيلتقطان قريبًا صورة فوتوغرافيّة تتصدر الفضائيات والصحف وهما يرفعان علامة النصر في مواجهة تشكيل الحكومة، فلا حكومة من دون "بركات" الزعماء "التاريخيين"، في الوقت الذي يسخر فيه المواطن العراقي من الإمبراطورية البريطانية الاستعمارية، لأن مصيرها سيصبح مثل مصير الصومال بسبب أنها شكلت الحكومة الأخيرة في أقل من يوم واحد.
كنت أتمنى أن أكتب عن الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، والذي ضرب فيه العراق مثلًا لا يتكرر، بدليل أن العديد من الصحفيين اختطفوا وقتلوا، وشردوا من أماكن عملهم، لأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية العراقية الجديدة، التي ترفع شعار "لا أرى.. لا أسمع.. لكنني أثرثر" .
يشعر السياسي العراقي بحالة من التعالي تجاه الصحافة العراقية، ولا يهمه أبدًا أن تذهب الصحافة أو تبقى، ولهذا نجد معظم المسؤولين " الاشاوس "، يفتح أبوابه وخزائن ذاكرته لصحفي من جريدة عربية أو قناة فضائية أجنبية، لكنه يستنكف أن يجلس أمام صحفي عراقي، إلّا بشروطه، التي هي أن يضع المكتب الإعلامي لفخامته الأسئلة ويجيب عليها، يضعون بينهم وبين الصحافة العراقية أسوارًا من الحديد ، الكلّ يدفع من أجل نشر صورهم وهم يقصّون شرائط لمشاريع وهميّة، هؤلاء أنفسهم يستنفرون قوّاتهم، حين يُدلي موظف صغير بتصريح لإحدى الصحف العراقية، حتى أنّ معظم الوزارات أصدرت"مشكورة" توجيهات بغلق الأبواب والنوافذ أمام وسائل الإعلام المحليّة، وعلى الصحفي حين يستخدم المعلومات أن يخفي نصفها حتى لا يتعرض إلى مساءلة القانون، او تخطفه سيارة مضللة تحت سمع وبصر الاجهزة الامنية . تكفي هذه الأمثلة لكي نسأل، إذا كانت الصحافة حقًا جهاز مراقبة كما أراد لها الدستور، فكيف تمنع من الدخول إلى قبة البرلمان الذي هو ممثل الشعب الذي تعدّ الصحافة جزءًا من سلطته؟!، كيف بإمكان الإعلامي العراقي أن يقدّم المعلومة وهو لا يرى الوزير حتى في الاحلام ؟!
لو سألنا اليوم أي مواطن عراقي عن رأيه وهو يسمع ان الصحافة استطاعت ان تزيح رئيس الوزراء او رئيس الجمهورية من منصبه ، وانها تمكنت من وضع حسين الشهرستاني خلف القضبان بعد ان لفلف اموال الكهرباء ، فقد يموت قهرا أو ضحكا، لان هذا الصحافة صدعت رؤوس القراء بحديث واثق البطاط الذي كان يريد فيه تحويل رأس ضابط في الشرطة الى منفظة سجاير ، دون ان يرف جفنا للدولة .
ما ذنب الصحافة إن خرجت مانشيتات صحف اليوم تقول إن المالكي وعلاوي يريدان حكومة لا مكان للمحاصصة فيها ..سيبتسم المواطن ويقول في سره (حجي جرايد).