TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كواليس: السينوغرافيا كمفهوم وكحركة

كواليس: السينوغرافيا كمفهوم وكحركة

نشر في: 11 مايو, 2020: 09:21 م

تواصل المدى نشر الأعمدة الثقافية، والتي سبق وأن أرسلها الفنان الرائد الراحل سامي عبد الحميد إلى المدى، بغية النشر. والمدى إذ تنشر هذه الأعمدة تؤكد الحضور الثقافي الفاعل الذي كان يميز فناننا الكبير.

 سامي عبد الحميد 

وكان (منهر) يستخدم أية واسطة تلائم الغرض الدرامي مثل الصور المنعكسة على الشاشة والشعارات والمناظر المرسومة والمنصات والستائر والشاشات المطوية والعربات وتضاء جميعها بإضاءة منضبطة تتحاشى مؤثرات الجو وإبعاد الانتباه المباشر للمتفرج نحو أي جزء من أجزاء المسرح . وكان لتلك التصاميم تأثيرها القوي على العديد من المخرجين والمصممين المعاصرين والفرق المسرحية . 

في الجزء الأول من القرن العشرين تم تعريف السينوغرافيا في أميركا بواسطة (بيلاسكو) الذي استخدم أسلوباً خاصاً به سمي (واقعية بيلاسكو) وكان التحدي الأول قد صدر من المصمم (روبرت ادموند جونز) الذي راح يصمم انتاج المخرج (غرانفيل بيكر) لمسرحية (اناتول فرانس) المسماة (الرجل الذي تزوج امرأة خرساء) في نيويورك عام 1915 بعدما زار أوروبا . وكانت تلك ولادة الحرفية المسرحية الجديدة الأميركية بالأسلوب التجريدي والذي يرجع الى (جونز) و (سيمونسن) و(بيل غيديس) والذي تطور بعدئذٍ من قبل (اوينسكلاغسر) و(أرونسون) و(ميلزنر) . وأصبح (ميلنرنر) المصمم الرئيس في أسلوبه المسمى (الواقعية الشعرية) وهو الأسلوب الذي كان ملائماً لمسرحية (تنسي وليامز) المسماة (الحيوانات الزجاجية) ومسرحيته (عربة اسمها الرغبة) ومسرحية (أرثر ميللر) المسماة (موت بائع متجول) و(صمم ميلنرنر مناظر جميع تلك المسرحيات من عام 1945 الى 1949 . وكان (ميلنرنر) يؤكد في تصاميمه على الصفة الحلمية للواقع خالقاً أجواء نفسية ذاتية عن طريق توظيف الإضاءة الضبابية والمفردات الديكورية التفكيكية . وكان مساعد (ميلنرنر) السابق (مينغ جو لي) مسؤولاً عن العديد من التطورات في السينوغرافيا منذ ستينيات القرن العشرين . وكان متأثراً بتقنيات الفرقة الألمانية (برلينر انسامبل) وكان تصاميمه تنبذ الأسلوب التصويري للحرفة المسرحية الجديدة واستبدالها بالمكان المسرحي النحتي . 

كان (جوزيف زفوبودا) الجيكي أكثر السينوغرافيين المؤثرين في أواخر القرن العشرين وكان قد تأثر بكل من (ميرهولد) و(بيسكاتور) وكانت تجاربه في استخدام الوسائط المتعددة والتي اشتهر بها لاستخدامه التكنولوجيا المبتكرة وخصوصاً بما يخص الفيلم السينمائي والشرائح . وقد استفاد (زفوربودا) من الواقعية الاشتراكية الروسية أواخر الستينيات فقد ابتكر هو والمخرج (رادوك) ما سمي (الفانوس السحري) وهي تقنية تجمع بين الصور المنعكسة على الشاشة والممثلين الاحياء والراقصين والمغنين والموسيقيين واستخدم (زفوبودا) تلك التقنية مع أشكال فنية أخرى كمسرح شامل أو تصاميم المسرح التقليدي كاسراً الحواجز بين الفنون متحدياً التفريق بين الفن العالي والتلفزيون.

تفرعت أساليب السينوغرافيا المعاصرة الى درجة كبيرة بحيث سمحت للعمومية. وبين الستينيات والسبعينيات تأثر العديد من المخرجين والمصممين بالمسرح البيئي الذي يدعو الى توحيد المنظر والمتفرج والتطرّف الطليعي بالهجوم على مسرح الإطار . وعلى أية حال استمرت الابتكارات حتى في المسارح التقليدية واستمر مصممون أمثال (فريغيريو وغونكلين وهيرمان) وفرق مسرحية أمثال (سوشيفاس رافائمليو سافزيد) و(روسترغورب) وأخرى في توسيع إمكانات مكان المسرح الداخلي ، وكان المخرج – المصمم (تايمور) هو الأكثر إثارة للاهتمام وذلك لإثباته أن الإمكانات الفنية للتجريب في السينوغرافيا اتسعت جاذبيتها وذلك بإخراجه لفيلم (دزني) المسمى (الملك الأسد) 1997 . 

ملاحظة : من كل ذلك يلاحظ القارئ الكريم بأن جميع تفسيرات السينوغرافيا قد اكدت على (المنظر المسرحي مضافاً له الإضاءة المسرحية) . 

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram